تيسير عماد مرزوك

المقدمة

بسم اللة الرحمن الرحيم

نطاق البحث واستعراض المصادر

       تعد دراسة الصلات الحضارية من بين أهم الدراسات التأريخية التي تتناول حياة الشعوب وعلاقاتهم فيما بينهم، والمتبِّع لدراسة تأريخ عرب شبه الجزيرة قبل الإسلام يجده حافل بتلك الصلات الهامة، والتي لازال الكثيرمنها بحاجة للدراسة والبحث، وكما أن الأسس التي ارتكزت عليها الحضارة العربية الإسلامية فيما بعد، كان لها جذور وأصول تأريخية هامة للعرب ودورهم في هذه البقاع.

     فالصلات الحضارية بين بلاد اليمن وبلاد أفريقيا هي صلات قديمة منذ أن وطئت أقدام العرب تلك المناطق الأفريقية، والذين تكيّفوا مع بيئتها وسكانها فتلك الصلات التأريخية تعود إلى ما قبل الميلاد، حينما كان تغلغلهم سلمياً دون غزو أو حروب، وإنَّ العرب فضّلوا في بداية هذا التغلغل السكن على ضفاف الأنهار، فكل من اليمن وأفريقيا قد أدوا دوراً حضارياً واضحاً على السواحل، ثم تغلغلوا فيما بعد نحو الأماكن الداخلية والصحراوية.

     ومثلما هو واضح فإن هذه القارة الأفريقية السوداء كانت مجاورة لأقدم الحضارات العالمية، كحضارة بلاد وادي الرافدين، وحضارة شبه الجزيرة العربية، لاسيما جنوبها(اليمن)، فتلك الحضارات قد القت بظلالها على بلاد أفريقيا، ومنها تعلموا وأفادوا واندمجوا.

     وبرغم ما تمتعت به قارة أفريقيا من ثروات اقتصادية كبيرة، لكنها كانت مهملة، فالأفارقة قد انتشر في أرضهم الذهب، والنحاس، والمعادن الثمينة الأخرى، والرقيق، وغيرها، مما دفع العرب بالتوجه نحو هذه البلاد لمعرفة ما تخبأ تلك القارة من أهمية اقتصادية كبيرة خاصةً أن العربي عرف عنه روح المغامرة وركوب المخاطر، كما أن الصحراء لم تكن حاجزاً بين الأفارقة والعرب، لاسيما أن المسافة بينهم قليلة، والتي يمكن عبورها بواسطة القوارب البدائية، فالجغرافيون عدّوا اليمن وأفريقيا قطعة واحدة بالرغم من انتماء أحدهم لقارة أفريقية والآخر لقارة آسيا ولكن البحر الأحمر أدّى دوراً واضحاً في نقل الحضارة العربية لشرق أفريقيا ودواخلها، فالعرب عرفوا كل مناطق الساحل ، وتداخلوا مع الأفارقة عن طريق التجارة والزواج، ونتيجة ذلك عرف شعبها بالسواحلي.

     إنّ كل تلك الأسباب الواردة أعلاه قد دفعتني لاختيار هذا الموضوع، الباحثون، ، ولذلك جاءت تلك الفكرة في دراسة هذا الموضوع بكافة جوانبه، وبصورة شاملة لهذه المنطقة المتشعبة وصلاتها الحضارية.

    

     قُسمت هذه الدراسة إلى أربعة فصول تسبقها مقدمة وتتلوها خاتمة.

     تناول الفصل الأول دراسة الجذور التأريخية لمنطقة جنوب شبه الجزيرة العربية(اليمن)، إذ تضمن أربعة مباحث، تناول المبحث الأول دراسة الملامح الجغرافية العامة لبلاد اليمن قبل الإسلام، كالتسمية، والحدود، والموقع الجغرافي؛ أما المبحث الثاني فتطرق للتعريف بأهم القبائل اليمنية(القحطانية) والتي أدت دوراً ريادياً في الهجرة إلى بلاد أفريقيا، حينما تمكنت تلك القبائل من السيطرة على الطرق التجارية على الساحل الأفريقي الشرقي مثل القبائل الحميرية والاوسانية والسبئية وغيرها من القبائل اليمنية ، التي كونت فيما بعد مملكة أكسوم الحبشية، والتي يمكن تسميتها باكسوم اليمنية؛ أما المبحث الثالث، القينا الضوء فيه عن الجوانب الاقتصادية العامة في بلاد اليمن قبل الإسلام، ومنها الزراعة من حيث اتساع رقعة الأراضي الزراعية وإقامة السدود للتحكم بمناسيب المياه، وكذلك الصناعة وبروز بعض الصناعات اليمنية، ثم الجانب التجاري وطرق النقل، لما كانت تتمتع به بلاد اليمن من طرق تجارية بحرية وبرية، إذ كانت أبرز مادة تجارية البخور والبرود وغيرها مما أدى لزيادة صادرات اليمن؛ وتناول المبحث الرابع من هذا الفصل الجوانب الاجتماعية العامة في بلاد اليمن، من لغة، وسكان، وعادات وتقاليد يمنية، وديانة ومعتقدات وغيرها من المفاهيم التي تخص المجتمع اليمني القديم.

   وجاء الفصل الثاني تحت عنوان الجذور التأريخية لبلاد أفريقيا، والذي تضمن أربعة مباحث أيضاً، تطرق المبحث الأول دراسة الملامح الجغرافية العامة لبلاد أفريقيا قبل الإسلام كالتسمية، والحدود، والموقع الجغرافي؛ أمّا المبحث الثاني منه فتطرق الى سكان بلاد افريقيا قبل الإسلام وأهم القبائل الأفريقية، ومنهم الأقزام والبوشمن والهتنوت والاحباش الحاميون والزنوج وغيرهم؛ أما المبحث الثالث فتناول الجوانب الاقتصادية العامة في بلاد أفريقيا قبل الإسلام ومنها الجانب الزراعي، والجانب الصناعي، والجانب التجاري، وطرق النقل؛ في حين تناول المبحث الرابع من هذا الفصل، الجوانب الاجتماعية العامة في بلاد افريقية كاللغة، والعادات والتقاليد الأفريقية، والديانة والمعتقدات الأفريقية.

ويمكن القول بأن الفصلين الأول والثاني اعتبارهما كفصول مقارنة بين الجانبين اليمني والأفريقي.

تطرق الفصل الثالث للجذور التأريخية للصلات القديمة بين بلاد اليمن وأفريقيا، ودراسة عمق العلاقات بين الطرفين، إذ تضمن هذا الفصل ثلاث مباحث، تناول المبحث الأول دراسة الجذور التاريخية للهجرات العربية الأولى القادمة من جزيرة العرب إلى بلاد أفريقيا، فشمل أهم القبائل المهاجرة ومناطق استقرارها في أفريقيا، ثم ضمّ أيضاً الأسباب التي دفعت تلك القبائل العربية للهجرة إلى أفريقيا وترك الوطن الأم؛ أمّا المبحث الثاني فتناول طبيعة الأرض الأفريقية الغنية بالموارد الاقتصادية المتنوعة، كوجود معدن الذهب، والاحجار الغالية الثمن، ووجود المعادن والسلع المتنوعة الأخرى؛ أمّا المبحث الثالث تناولنا فيه الجذور التأريخية لطبيعة العلاقات اليمنية الأفريقية، إذ أنَّ طبيعة تلك العلاقات أمّا إيجابية ، أو سلبية بين الطرفين، والعلاقات السلبية قد حركتها أطراف أخرى متمثلة بمساندة الروم للأفارقة الأحباش ضد أهل اليمن، ثم بروز الأحباش كقوة معادية للعرب متمثلة بغزوة إبرهة الحبشي، ثم بروز المقاومة العربية اليمنية وطرد الأحباش، ثم ظهور الفرس على مسرح الأحداث وأطماعهم في أرض اليمن.

     أمّا الفصل الرابع فكان الأهم في تلك الدراسة والذي جاء تحت عنوان (الصلات الحضارية المتبادلة بين اليمن وبلاد أفريقيا) حيث شمل ثلاث مباحث، جاء المبحث الاول منها بعنوان تأثير العوامل الجغرافية في الصلات الحضارية لسواحل البحر الأحمر وشرق أفريقيا مع جزيرة العرب، ومنها الرياح الموسمية، ثم دور العرب وجهودهم الملاحية واتصالهم بالشواطئ الأفريقية، كدور اهل عمان، واوسان، وجزيرة سوقطرة(سقطري)؛اما المبحث الثاني فتطرق لدراسة التأثر والتأثير الحضاري بين بلاد اليمن وأفريقيا، فكان هذا التأثير والتأثر واضحاً في الجوانب الدينية، وكذلك التأثيرات المعمارية والفنية، ثم التأثيرات الاقتصادية المتبادلة بين الطرفين في الجانب الزراعي والصناعي والتجاري وطرق النقل، ثم تأثيرات العرب اليمانيين الثقافية في بلاد أفريقيا، كالتأثيرات اللغوية والكتابية، والتي شملت اللغة الجعزية، والأبجدية الافريقية الكتابية، والخط المسند اليمني وتأثيراته، بعد ذلك أهم التأثيرات الاجتماعية بين العرب والافارقة والتي شملت اكتساب وممارسة بعض العادات والتقاليد السائدة في المجتمع، ومنها ما يخص رئيس القبيلة ، ثم القرابين، والختان، والسحر والشعوذة، والتأثيرات البنائية والنحتية.

أمّا الخاتمة فتناولت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال هذه الدراسة.

اعتمدت هذه الدراسة على مجموعة من المصادر العربية القديمة سواء أكانت تلك المصادر تأريخية أو جغرافية أو مصادر لغوية وأدبية، أو مراجع ثانوية حديثة.

1-    المصادر التأريخية:

يأتي مقدمة تلك المصادر هو كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر لمؤلفه علي بن الحسين بن علي المسعودي، ت354هـ/957م، حيث تكمن أهمية هذا الكتاب كون مؤلفه قد زار شرق أفريقيا أو الساحل الشرقي الأفريقي، وقد أفدتُ منه لا سيما في الفصل الأول حيث يعد المسعودي من الذين زاروا شرق آسيا كذلك وقد أفدت منه في معظم صفحات الرسالة.

ومن بين المصادر التأريخية الأخرى هو كتاب تأريخ الرسل والملوك لمؤلفه محمد بن جرير الطبري، ت310هـ/922م، حيث نجد فيه أشارات واضحة عن العرب والأفارقة لاسيما في الجزء الأول بالرغم من أنه يفتقر لروح النقد الا ما ندر، علاوة على أنه لا يميل ترجيح رواية على أخرى بل يبقيها على علاّتها، ومع ذلك فإن تأريخ الطبري يعد مصدراً أساسياً لمؤلفات كثيرة ظهرت بعده، وقد أفدت منه في الفصل الثالث من الرسالة.

ومن بين المصادر التأريخية الأخرى كتاب الكامل في التأريخ لمؤلفه عز الدين بن الأثير(ت630هـ/1232م)، وبالرغم من اعتماده على الطبري لكنه أحياناً ينقد روايات الطبري، كما أنه عالج النقص الحاصل عند الطبري، وقد أفدت منه لاسيما في الفصل الثالث من الرسالة.

2-    المصادر الجغرافية:

شكلت المعاجم الجغرافية مصدراً هاماً من مصادر البحث لما تضمنته من معلومات وأخبار جغرافية وتأريخية واقتصادية ويأتي في مقدمتها كتاب صفة جزيرة العرب، لمؤلفه الهمداني(ت350هـ/961م)، حيث يُعدُّ من المصادر الجغرافية والتأريخية القديمة، والذي حوى معلومات قيّمة تركزت على الجزيرة العربية وخاصة اليمن.

إذ يعدٌّ من أنفس الكتب الجغرافية القديمة، حينما اعتمد على مشاهداته الخاصة ومعايناته للآثار من خلال رحلاته، وإن كتابه لم يعتمد ترتيباً هجائياً ولكنه كان على أبواب وفصول، وقد تطرق لبلاد اليمن، وأفريقيا، وقد افدت منه في الفصلين الأول والثاني في تعريف بعض الأماكن الجغرافية في الرسالة.

ومن بين المصادر الجغرافية الأخرى هو كتاب معجم البلدان لمؤلفه ياقوت الحموي(ت626هـ/1228م)، والذي يعد قمة المعاجم الجغرافية، فهو أعظمها قدراً وأحسنها ضبطاً، وأحفلها مادة، فهو موسوعة جغرافية مرتبة حسب حروف المعجم، فهو لم يقتصر على المعلومات الجغرافية فقط بل ضمنه معلومات اخرى متنوعة عن الاماكن في بلاد اليمن وأفريقيا على السواء، إذ أفادني هذا المعجم فيما يخص الفصول الأولى(الاول والثاني) وهو بحق أفضل من عرف أسماء المواقع بصورة واضحة ودقيقة .

ومن بين المصادر الجغرافية الأخرى كتاب المستبصر لمؤلفه ابن المجاور(ت590هـ/874م)، حينما زودّنا بمعلومات عن بلاد أفريقيا واليمن ، حيث افدت منه في الفصل الاول والثالث.

ومن المصادر الجغرافية الأخرى أيضاً كتاب الروض المعطار في خبر الأقطار لمؤلفه الحميري وقد أفدت منه الفصلين الثاني والثالث من الرسالة.

3-    المصادر اللغوية:

كان في مقدمة تلك المصادر اللغوية كتاب العين لمؤلفه ابو عبد الرحمن الخليل بن احمد الفراهيدي(ت175هـ / 791م) والذي أفدت منه الفصل الأول في تعريف كلمة الأنطاع .

4-    المراجع الثانوية الحديثة (العربية والمعربة):

كان للمراجع الثانوية سواء أكانت العربية أو المعربة فائدة كبيرة للبحث، حيث أن فيها إشارات ومعلومات قيّمة لم يتم الحصول عليها من خلال المصادر الأولية، إذ اهتمت تلك المراجع بذكر معلومات هامة عن شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام وعلاقتها بأفريقية ومن أهمها كتاب التأريخ العربي القديم لمؤلفه ديتلف نيلسن، حيث ذكر معلومات متنوعة عن العرب الجنوبيين أهل اليمن في أرض الحبشة وقد أفدت منه في الفصلين الثالث والرابع من الرسالة.

وكذلك مرجع فقه اللغات السامية لمؤلفه كارل بروكلمان، وفيه ذكر لأهم اللغات العربية الجنوبية، كما احتوى دراسات مقارنة بين اللغات القديمة، أي بين العربية الجنوبية والحبشة، وقد أفدت منه لاسيما في الفصل الثاني، وكذلك كتاب اللغات السامية لمؤلفه اسرائيل ولفلسون، والذي وضح فيه الأثر العربي في اللغات الحبشية، وقد أفدت منه في الفصل الثالث من الرسالة، ومن بين المراجع الثانوية الأخرى والتي كانت ذي فائدة للبحث فيما يخص الجوانب السياسية والاقتصادية والحضارية هو موسوعة المفصل في تأريخ العرب قبل الإسلام لمؤلفه د. جواد علي، والذي ذكر تأريخ العرب قبل الإسلام حيث أفدت منه في كل الفصول؛ وكذلك كتاب دراسات في تأريخ العرب القديم لمؤلفه د. محمد بيومي مهران، وقد أشار فيه لجوانب مهمة من تأريخ العرب قبل الإسلام، معتمداً على عدد من النقوش، وقد افدت منه في الفصل الرابع؛ ومن المؤلفات الأخرى كذلك كتاب تأريخ اليمن القديم، ومختارات من النقوش اليمنية لمؤلفه محمد عبد القادر بافقيه وقد أفدت منه في 4الفصل الثالث من الرسالة؛ وكذلك دراسات في تأريخ العرب لمؤلفه الدكتور منذرعبد الكريم البكر. ومن بين الصعوبات التي واجهتني في هذه الدراسة هو قلة مصادرها ومراجعها وتناثر معلوماتها في بطون الكتب والمراجع، ولذلك تطلبت مني جهداً كبيراً من البحث والدراسة لجمع تلك المعلومات في محاولة جادة للوصول للهدف المطلوب، كما أَنَّ معظم المصادر العربية الأصيلة التي بين أيدينا هي نادراً ما تتحدث عن بلاد أفريقيا وعلاقاتها، ولذا لم يكن ثمة مناص من أخذها من بعض هذه المصادر والمراجع، من خلال تحليل النصوص وربطها مع بعضها والتي حاولت من خلالها أنّ أسخرها ضمن الخط العام لمنهج البحث بعد قراءة نقدية متفحصة، حيث كان هدفي في البحث منصباً على تقصي أثر تلك الصلات الحضارية.

وبعد فأنني حاولت في هذا البحث المتواضع أن أبيّن خلاصة جهدي، فما كان صواباً فمن توفيق الله لي، وما كان خطئاً فمني، والصواب أردت، فله الحمد وله الشكر سائلينه أن يسدد خطانا لما فيه خير الأمة العربية الإسلامية وتراثها الحضاري الشامخ الأصيل وبالله التوفيق.

 

 

الخاتمة

بعد اكتمال بحثي الموسوم(الصلات الحضارية بين بلاد اليمن وبلاد أفريقيا من القرن الأول الميلادي حتى نهاية القرن السادس الميلادي) تبين للباحثة مايلي :

1-    إن صلات بلاد اليمن وبلاد أفريقيا قديمة جداً تعود بجذورها التأريخية إلى فترة ما قبل الميلاد وحتى عدّ البعض بأنّ الحبشة وبلاد اليمن رقعة واحدة، وهذا يعود لفضل العرب في إكتشاف مجاهل أفريقيا.

2-    تعدُّ أفريقيا من بين المحطات الهامة للقبائل العربية المُهاجرة من شبه جزيرة العرب إلى أفريقيا، حينما تمكنت هذه القبائل من أن تطبع أفريقيا بالطابع العربي، فقبيلة (حبشات) العربية الأصل قد أُطلق اسمها على كافة بلاد الحبشة، مما أدّى لامتزاج بشرى بين تلك الجماعات.

3-    للظروف المناخية، وعوامل الجفاف التي اصابت شبه الجزيرة العربية، فضلاً عن الصراعات القبليّة، وحب الزعامة، ورغبة العربي في البحث عن موارد الزرق والحصول على حياة افضل، كلها قد دفعت هؤلاء العرب المهاجرين بالتوجه نحو افريقيا.

4-    ساهمت العوامل الجغرافية في تعميق الصلات بين بلاد اليمن وأفريقيا، حيث إنَّ المسافة بين الساحلين العربي والأفريقي قريبة جداً، يمكن عبورها بواسطة السير أو القوارب البدائية.

5-    إنَّ الدافع التجاري له دور هام جداً وهو من أهم الأدوار التي دفعت تلك الجماعات للهجرة والاشتغال في التجارة التي كانت رائجة آنذاك، بالرغم من أنَّ تجارة الرقيق لم تشكل العامل المشترك بين العرب والأفارقة.

6-    أسهمت المنافذ البحرية بدور رائد في تلك العلاقات الحضارية بين الطرفين، ومنها باب المندب الذي ساعد في التنقل بين الطرف الجنوبي والغربي لشبه جزيرة العرب، وبين الشاطئ الأفريقي، والذي كان سبباً وثيقاً في الصلات بين اليمن والحبشة، ولاسيما في المجال التجاري والإجتماعي والثقافي.

7-    بدا التأثير العربي واضحاً في أفريقيا السوداء، لاسيما فيما يخص العبادات الدينية، من ناحية تعدد تلك العبادات عند سكان أفريقيا، وعبادة الظواهر الطبيعية، وتقديس بعض الآلهة، كما هو سائد في شبه الجزيرة العربية.

8-    تكيّف العربي المهاجر من بلاد اليمن الى بلاد افريقيا للعيش في تلك البلاد، كونه قد نشأ في بيئة صحراوية ايضاً ومماثلة للبيئة الافريقية، مما مكّنه للعيش في هذه البلاد.

9-إنَّ الصلات الحضارية بين بلاد العرب بصورة عامة وبلاد اليمن بصورة خاصة مع بلاد أفريقيا قد أصبحت اكثر قوة وفاعلية في الفترات اللاحقة لاسيما بعد ظهور الإسلام.

10-كانت عملية التأثر والتأثير واضحة فيما بين العرب والأفارقة، فقد أثرَّ العرب في الأفارقة فيما يخصّ الجانب الثقافي واللغوي والكتابي، وكذلك فنون النحت والبناء وتركوا لهم آثاراً هناك.

11-كان الأغلب في هجرات العرب إلى بلاد أفريقيا يسودها الطابع السلمي دون قوة أو غزو لهذه البلاد فضلاً عن زواج العرب بالأفريقيات، كما تطبعّوا مع مجتمعهم وأصبحوا جزءاً منه.

12- لم تقتصر الصلات الحضارية بين بلاد اليمن وأفريقيا فقط،بل إن العديد من سكان مناطق شبه جزيرة العرب الأخرى قد توجهوا نحو الساحل الأفريقي كالعُمانيون، والأوسانيون، والسيرافيون. وغيرهم، كما أستعمل الأفارقة قسم من سفن هؤلاء.