دور الإدعاء العام في تحريك الدعوى الجنائية ضد القادة والرؤساء

ملخص الرسالة

لقد تناولت هذه الرسالة بحث دور الإدعاء العام في تحريك الدعوى الجنائية ضد القادة والرؤساء , وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية , فقد أوضحت الدراسة مفهوم الإدعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية , وكيفية تشكيله والشروط التي يجب توافرها في شخص الإدعاء العام , وكذلك بينت كيفية تطـــور المسؤوليــة الجنائيـة الدوليــة للقــادة والرؤســاء , ابتداءً من قانون (ليبر) ومرورًا بمحاكمات الحرب العالمية الثانية محكمتي (نورمبرغ وطوكيو) , وبعض الاتفاقيات الدولية , ومن ثم في الأنظمة الأساسية للمحاكم الجنائية الدولية الخاصة , وصولًا إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .

وقد أتضح أن تحريك الدعوى الجنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية , يكون من قبل الإدعاء العام في المحكمة , بناءً على الإحالة من مجلس الأمن , الذي يتمتع بسلطة أحالة حالة معينة , تتعلق بجريمة أو أكثر من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية , أو بناءً على الإحالة من الدول الأطراف في النظام الأساسي للمحكمة , أو الدول غير الأطراف في النظام الأساسي في حال إعلان قبولها اختصاص المحكمة الجنائية الدولية , أو من قبل الإدعاء العام في المحكمة من تلقاء نفسه , بناءً على المعلومات والأدلة المتوفرة لديه يمكنه تحريك الدعوى الجنائية .

كما تناولت الدراسة بعض التطبيقات القضائية لدور الإدعاء العام في تحريك الدعوى الجنائية , فيما يتعلق بالدعاوي التي تم تحريكها أمام المحكمة , بناءً على الإحالات الواردة إليه أو من تلقاء نفسه , كما في قضيتي دارفور السودانية , والجماهيرية العربية الليبية , التي تم إحالتهما إلى الإدعاء العام من قبل مجلس الأمن , وقضيتا جمهورية الكونغو الديمقراطية , وأفريقيا الوسطى , التي تم أحالتهما إلى الإدعاء العام من قبل الدول الأطراف في النظام الأساسـي , وقضيتا جمهورية كينيا , وجمهورية ساحل العاج (كوت ديفوار) , التي تم تحريكهما من قبل الإدعاء العام من تلقاء نفسه .

وأخيرًا تطرقت الدراسة إلى المشاكل التي تعترض دور الإدعاء العام في تحريك الدعوى الجنائية ضد القادة والرؤساء , والتي ممكن أن تشكل قيدًا أو عائقًا يحد من فاعلية الإدعاء العام في ممارسة دوره , فبعض من هذا المشاكل تضمنتها القوانين الداخلية للدول وبعض الاتفاقيات الدولية , مثل مبدأ عدم تسليم المجرمين  , وكذلك قوانين العفو الوطنية التي تصدر من السلطات المختصة داخلة الدولة , وتتضمن العفو عن مرتكبي الجرائم الدولية التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية , وبعضها الآخر ورد في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية , مثل المادة (16) من النظام الأساسي , التي منحت مجلس الأمن سلطة إرجاء التحقيق أو المحاكمة لمدة أثني عشر شهرًا قابلة للتجديد , وكذلك المادة (124) من النظام الأساسي التي منحت الدول التي تنضم إلى النظام الأساسي للمحكمة حق تعليق اختصاص المحكمة فيما يتعلق بجرائم الحرب لمدة سبع سنوات , مما يشكل عائقًا أمام الإدعاء العام للقيام بدوره في تحقيق العدالة الجنائية الدولية .