المعنى النحوي في شرح الرضي ( ت 688 هـ )على الكافية

قصي ثعبان يوسف

     المعنى النحوي في شرح الرضي ( ت 688 هـ ) على الكافية      اللغة العربية وآدابها / لغة

الخلاصة

العرب أصحاب فصاحة وبلاغة، يوردون المعنى بأحسن الألفاظ المفهمة، ويولون اهتماماً بكلِّ ما يحيط بالمعنى من سياق لغوي وغير لغوي ( مقام)،  ولمَّا أُنزل القرآن الكريم بهذه اللغة وهو يضمُّ من المعاني الجليلة، والأساليب القويمة، على سمت لغة العرب، جعل ذلك علماء اللغة العربية المتقدمين، يهتمون بالمعنى أيَّما اهتمام، ويجعلونه قطب الرحى، الذي تدور في فلكه جميع علوم اللغة العربية، كاشفة عن لباسه، من تراكيب وأحوال ، بأحسن حلية، وأقوم مزية، فشمر علماء اللغة العربية عن سواعدهم، وأركزوا فطنهم، لتتبع أساليب العرب في بيان قصدهم، وتجلي مرادهم ، فكان الخليل بن أحمد الفراهيدي ( ت 175 هـ)، وتلميذه الفطن سيبويه (ت 180 هـ)، خير من تناول هذا الأمر، بدقة النظر، وحسن الوصف، فكان (الكتاب) لسيبويه أعظم مُؤَلَّفٍ، وأوّل مُصَنَّفٍ، في هذا الميدان ، ثم أفاد من هذا الإرث الأصيل كلّ من تلاهم من علماء اللغة.

وكان الباعث وراء اختياري لشرح الرضي على الكافية لرضي الدين محمد بن حسن الأسترآبادي ( ت 688ه ) يرتكز على أمرين : الأول أن الرضي قد أولى المعنى اهتماماً خاصاً، شأنه كشأن المتقدمين من علماء اللغة، عارضاً لآرائهم ناقداً لمتبنياتهم بحسن النظر، ودقة التعبير، منفرداً في بعض ما تعرض له برأي خاص، والآخر أنه عندما يفسّر المعنى المقصود يفسّره تفسيراً ينُمَّ على ذائقة وعمق تدبر وتبصر ، وهذا مايفسِّر لنا تسابق العلماء دون الشروح على رصد مفرداته وجسِّ مادته لإغناء مصنفاتهم وبحوثهم .

     وقد عرض عليَّ استاذي الدكتور سلام موجد خلخال الزبيدي متفضلاً دراسة المعنى النحوي عند الرضي مع مجموعة أخرى من الكتب. فكان هذا العنوان متناغماً مع ما كنت أصبو إليه ومن ثم وُسم العنوان  بـ (المعنى النحوي في شرح الرضي (ت 688 هـ)  على الكافية) .

  ولما لم يكن من مقصود البحث استقصاء كل ما جاء في هذا الكتاب من مسائل تخص المعنى عمد الباحث إلى انتخاب أمثلة متعددة تدور في فلك المعنى النحوي في الكتاب مظنة البحث .

      وقد ارتكزت على اتباع المنهج الوصفي التحليلي في التعاطي مع المادة العلمية المرصودة .

  وقد اقتضت طبيعة البحث أن يقسم على ثلاثة فصول متصدراً بتمهيد منتهياً بخاتمة.

    أما التمهيد فقد بينت فيه مفهوم المعنى النحوي وأثر السياق فيه .

وقد رصدت في الفصل الأول المعنى النحوي في الجملة العربية، موزعاً على ثلاثة مباحث، تكفل الأول: ببيان المعنى النحوي في الجملة الفعلية، والثاني: ببيان المعنى النحوي في الجملة الاسمية، والثالث: ببيان المعنى النحوي في نواسخ الابتداء.

     وخُصِّصَ الفصل الثاني بدراسة المعنى النحوي لبعض حروف الجر، مشتملاً على ثلاثة مباحث أيضاً، الأول: في المعنى النحوي في الحروف الأحادية، والثاني: في المعنى النحوي في الحروف الثنائية، والثالث: في المعنى النحوي في الحروف الثلاثية.

  أما الفصل الثالث فقد عُقِد لدراسة مسائل متفرقة تخص المعنى النحوي، مقسماً على ثلاثة مباحث، الأول: المعنى النحوي في المشتقات، والثاني: المعنى النحوي في المنصوبات، والثالث: المعنى النحوي في التوابع.

    ومن الصعاب التي واجهتني في هذا البحث أن الكتاب فيه من أحكام واصطلاحات أصولية ومنطقية بثّها مؤلف الكتاب ؛ وذلك بحكم ثقافته، وما أملته عليه الصنعة النحوية في ذلك الوقت، فضلا عن أن المعنى المقصود (المعنى النحوي) يتطلب الإحاطة بالسياقات التي تكشف هذا المعنى مما يشعب البحث ويجعله أكثر دقة ومدعاة لحسن التدبر والنظر، فضلاً عن أن المسائل التي تخص المعنى النحوي كثيرة في الكتاب، موزّعة في جميع أجزائه مما تطلب قراءة للكتاب بأجمعه وبدقة كبيرة.

أشير إلى بعض الدراسات التي سبقتني في شرح الرضي على الكافية منها : أطروحة دكتوراه بعنوان ( القرينة في شرح الرضي على الكافية ) لدوهان محمد دوهان الجبوري ، ورسالة الماجستير ( اعتراضات الرضي على سيبويه في شرح الكافية ) لمحمد بن عبد الله بن صويلح ، ورسالة  الماجستير ( أغراض المتكلم ودورها في التحليل النحوي في شرح كافية ابن الحاجب لرضي الدين الأسترابادي ) لعائشة برارات ، ورسالة الماجستير ( اعتراضات الرضي على النحاة في شرح الكافية ) لحسان محمد علي تايه .