هنادي مهدي كريم

المقدمـــــــة :

         

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين محمد واله الطيبين الطاهرين.

أما بعد..

فقد تعرضت معظم البحوث الدراسات التاريخية إلى النواحي السياسية في غالب الأمر ، دون الاهتمام بالجوانب الاقتصادية التي تعمل بشكل وآخر على تحريك الأحداث السياسية المؤثرة مباشرة ً على الأوضاع العامة للبلدان ، ولاسيما تلك الدراسات التي تناولت تاريخ بلاد المغرب الإسلامي ، وانطلاقا من دواعي الحاجة رغبنا في دراسة اقتصاديات بلاد المغرب ، ولان كتاب المغرب في ذكر بلاد أفريقية والمغرب لأبي عبيد لبكري (ت496هـ /1103م) كان ولا يزال من أوفى ما كُتب عن بلاد افريقية والمغرب وما تعاقب فيها من أحداث حتى منتصف القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي ، وان مادته اشمل التواريخ التي كتبت عن المنطقة ، وبخاصة ما يتعلق بالجوانب الاقتصادية ، إذ تميز الكتاب بأهمية مادته الاقتصادية كونه يعطي البعد المكاني للمنطقة ، بعد رسم صورة الوصف الجغرافي ، كما ويركز على النواحي المتعلقة به ، فكانت مادته تتسم بالشرح والصف والتحليل الدقيق .

وكذلك لان دراسة الجوانب الاقتصادية فيه لم تطرق من قبل، أي المُغرّب ، رغبنا بالتعرض إليه ، فكانت رسالة للماجستير الموسومة بـ ((المغرب في ذكر بلاد أفريقية والمغرب لأبي عبيد البكري، دراسة في الجوانب الاقتصادية )) متعلقة بدراسة الجوانب الاقتصادية لبلاد المغرب في كتاب المغرب ، وقد قسمت الدراسة على تمهيد وأربعة فصول وخاتمة .

 

 

نطاق البحث وعرض المصادر :

أ ـ نطاق البحث :

تناول التمهيد الأوضاع السياسية لعصر البكري،والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية،وأمارة البكريين ، واتصالهم بذوي السلطان ، كما اشرنا إلى إمارة أبيه وجده في امارة “اونبة” وجزيرة “شلطيش” ، اللتين سقطتا في يد المعتضد بن عباد (سنة 443هـ/1051م) .

وخصص الفصل الاول عن حياة أبي عبيد البكري،فتناول أسمه ونسبه ولقبه ، ونشأته   ومكانته العلمية وشيوخه ورواته الذين اخذوا عنه .

كما تناول أثار البكري العلمية، وقدمنا دراسة لكتابه المسالك والممالك وأشرنا إلى طبعات الكتاب ومخطوطاته المنتشرة في أرجاء مكتبات العالم ، كما أفردنا عنوان أشرنا فيه الى مخطوطات صفة افريقية والمغرب من كتاب المسالك والممالك ، كما عرضنا فيه موارد البكري عن صفة افريقية والمغرب من كتاب المسالك والممالك والتي تنوعت بين روايات شفوية وكتب مدونة اشتملت على مدونات مشرقية وأخرى مغربية ، وبين كتب تاريخية وكتب جغرافية ، واشرنا خلال حديثنا إلى أن معظم هذه الكتب لم يصلنا منها إلا نتف احتوتها بطون الكتب المتأخرة .

أما الفصل الثاني الموسوم ب((النشاط الزراعي)) فقد بحثنا فيه الواقع الزراعي لبلاد المغرب، وتناولنا فيه ملكية الأراضي في بلاد المغرب، ومصادر المياه في المغرب، وسياسة الدول الزراعية المتمثلة بحالة الأمن ،والضرائب الزراعية المترتبة على العاملين في الزراعة وحاصلاتها ،ونظام الري،والعوامل المؤثرة على الإنتاج الزراعي وسياسة الدول في معالجتها،كما تطرقت إلى النظام الزراعي ،و أنواع الحاصلات الزراعية ومناطق توزيعها الجغرافية ، والرعي وتربية الحيوانات والصيد .

 

   واختص الفصل الثالث في ((النشاط الصناعي)) وتمثل بالسياسة الصناعية لدول المغرب في الصناعة، كما تناولت الصناعات الزراعية وما يقابلها ، مثل صناعتها النسيج والصناعات الجلدية والأخشاب والصناعات الغذائية ، أما الخامس اختص بدراسة المعادن في خمس فقرات هي ، مناطق وجود المعادن ، والموارد الأولية ، وطريقة استخراج المعادن ، والصناعات المعدنية ، والصناعات الفخارية والخزفية والزجاجية ، واخيرا تطرقت إلى دراسة الهندسة المعمارية في المغرب .

أما الفصل الرابع فقد اختص بدراسة (( النشاط التجاري )) وتمثل سياسة البلاد التجارية ، وأصناف العاملين في التجارة ، وأنواع الأسواق وطرق أدارتها ، وأماكنها ،ومستوى الأسعار فبها ، فضلا عن غلاء المعيشة في غرناطة ، وأنواع المعاملات التجارية ، وأنواع الموازين والمكاييل والمقاييس المستخدمة ، وأهم المسالك والطرق التجارية الداخلية والخارجية التي سلكها التجار في نقل أنواع البضاعات ، أنواع الصادرات والواردات .

ب ـــ عرض المصادر :

لقد اعتمدت هذه الدراسة على عدد من المصادر كان بعضها ذا فائدة مباشرة، اذ زودت الدراسة بمعلومات قيمة، وقد تنوعت هذه المصادر فمنها المصادر التاريخية والبلدانيات وكتب تراجم الرجال فضلاً عن المراجع الحديثة وقد قُسمت على وفق الأتي:-

أولا:    كتب تاريخ المغرب العـامة

على الرغم من كثرة كتب التاريخ العام التي تخص الدراسة ألا ان اغلبها يهتم بالجانب السياسي من عمليات التحرير العربي الإسلامي، ومع هذا فقد زودت الدراسة بمعلومات عن الجانب الاقتصادي في المغرب في ذكر بلاد أفريقية والمغرب ومنها:-

أ ـ كتاب فتوح مصر واخبارها لابن عبد الحكم ( ت 257هـ / 870م) ، الذي لابد لاي باحث في منطقة شمال افريقيا والمغرب من الرجوع اليه، اذ فيه فائدة كبيرة للدراسة وان هذا الكتاب من الكتب القديمة وعلى الرغم من انه يهتم بالناحية السياسية فانه لايخلو من الإشارات التي افادت الدراسة في مختلف الفصول فهو يذكر الولاة الذين أرسلتهم الخلافة لتحرير المغرب العربي والذين دخلوا ساهموا في النشاط الاقتصادي وتنظيم خراج الأراضي وإنشاء دور الصناعة وغيرها من الأمور.

ب ـ كتاب تاريخ افريقية والمغرب للرقيق القيرواني ( ت 417هـ / 1026م)، لم يصل الينا من هذا الكتاب الا قطعة تتناول تاريخ افريقية والمغرب منذ ولاية عقبة بن نافع الثانية(62هـ/681م) الى ولاية عبدالله بن إبراهيم الأغلب(196هـ/785م)، ويغلب على هذا الكتاب الاحداث السياسية الا انه ينفرد بذكر إحداث مهمة ،مثل ذكر دور حسان بن النعمان في تنظيم الملكية العامة اللاراضي في المغرب عند الفتح العربي الإسلامي، وفضلا عن هذا فقد افاد الدراسة في جوانب اخرى.

ج ـ كتاب البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب لابن عذاري (كان حيا حتى سنة 712هـ/1313م) ، وهو من المصادر المهمة وخاصة الجزء الأول منه فقد رفد الدراسة بمعلومات مهمة بالنسبة للأحداث السياسية في عهد الولاة والاغالبة والفاطميين والزيرين،أما معلوماته الاقتصادية عن بلاد المغرب فهي تتعلق في ملكية القبائل المغربية ،وفي دور الدول التي حكمت المغرب في نظام الري،وفي الضرائب التجارية وفي التجارة الخارجية وتحديداً في صادرات المغرب الإسلامي إلى مصر.

د ـ كتاب أعمال الإعلام،القسم الخاص بالمغرب،لأبن الخطيب،لسان الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله(ت776هـ/1374م) ويتناول تاريخ المغرب منذ قيام الامارة الاغلبية،حتى قيام دولة الموحدين،وفيه بعض المعلومات الاقتصادية.

هـ ـ كتاب الانيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس لابن أبي زرع (ت741هـ/1342م) من اهم المصادر في تاريخ المغرب العربي الإسلامي كله ، اذ ضمّنه المؤلف معلومات هامة كرسها للحديث عن تاريخ مدينة فاس منذ بدايات نشوء دولة الادارسة وتأسيس مدينة فاس حتى عصره ،وعن الجانب الزراعي بشكل خاص.

و ـ كتاب العبر وديوان المبتداء والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، لأبن خلدون ، عبد الرحمن بن محمد ( ت808هـ / 1405م ) يعد هذا الكتاب من أعظم ما صنف في تأريخ المغرب،وكانت معلوماته تتضمن توزيع القبائل المغربية في البلاد وفي حالة الأمن وفي النشاط التجاري.

 

ثانيا:كتب البلدان.

كانت هذه الكتب ذات أهمية كبيرة في دعم الرسالة بالمعلومات الاقتصادية بكل جوانبها، وذلك لما تحتويه هذه الكتب من معلومات أصيلة وشاملة عن النشاط الاقتصادي في المغرب ، وقد اعتمدت دراستنا هذه على العديد من المؤلفات الجغرافية منها :

أ ـ كتاب البلدان لليعقوبي،أحمد بن يعقوب بن واضح ( ت 292هـ / 905م)وتأتي أهمية هذا الكتاب لان اليعقوبي زار بلاد المغرب،مما قدم وصفاً لطبيعة البلاد الزراعية وقد أهتم بالنشاط الزراعي والصناعي حيث ذكر التقسيم الجغرافي التواجد المعادن في المغرب الإسلامي،وفي النشاط التجاري يقدم وصف تفصيلي للطرق والمسالك التجارية الرئيسية منها والفرعية فقط.

ب ـ كتاب صورة الارض لابن حوقل أبو القاسم النصيبي( ت 367هـ / 977م) يعد هذا الكتاب من أهم الكتب الجغرافية التي كتبت في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي،حيث زار أبن حوقل المغرب،وقدم لنا معلومات أقتصادية ذات أهمية كبيرة ،تخص النشاط الاقتصادي في جميع جوانبه ففي الجانب الزراعي ذكر توزيع المحاصيل الزاعية،والرعي وتربية الحيوانات، وفي الجانب التجاري قدم معلومات دقيقة عن المسالك والطرق التجارية، وذلك لأن أبن حوقل تاجر له خبرة في المسافات والطرق والمسالك التجارية،والنظم التجارية الداخلية والخارجية.

ج ـ كتاب أحسن التقاسيم للمقدسي شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد ( ت 380هـ/990م) يعد هذا الكتاب من أهم المصادر الجغرافية الذي قدم لنا معلومات اقتصادية وافية.

د ـ كتاب نزهة المشتاق في أختراق الأفاق للإدريسي،أبو عبد الله محمد (ت548هـ /1153م) وأفادنا في التعرف على المناطق الزراعية في بلاد المغرب ومصادر المياه فيها،كماقدم شرح توظيحي لبعض النشاط التجاري في البلاد.

هـ ـ كتاب الاستبصار في عجائب الامصار،لكاتب مراكشي،من القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي،قدم هذا الكتاب وصف البلاد المغرب يحتوي في ثناياه عن معلومات تخص الثروة الزراعية والحيوانية،والنشاط التجاري ،وأن الكثير من معلوماته تتفق مع المغرب في ذكر بلاد أفريقية والمغرب.

وـ كتــاب معجـم البلدان، ليــاقوت الحمــوي( ت626هـ/1229م ) وهو من خمسة أجزاء ، مرتب بحسب الترتيب الهجائي في ذكر المدن ، والفائدة منه تتركز بتعريف المدن ، وتوزيع الحاصلات الزراعية وثروات البلاد الطبيعية جغرافيا.

وهناك العديد من كتب الجغرافية والرحلات التي استفدنا منها،نذكر منها كتاب المسالك والممالك لأبن خرداذبة،ابو القاسم عبيد الله بن عبد الله(ت300هـ/ 912م)، والمسالك والممالك للأصطخري إبراهيم بن محمد(ت346هـ/957م).

       ومن الكتب الأخرى كتاب الجغرافيـا لابن سعيد الأندلسي الغرناطي (  ت685هـ /1286م) وأيضا بسط الأرض له ،ومنها كذلك تقويم البلدان لابو الفدا (ت732هـ /1332م) وكتاب مسالك الأبصار للعمـري( ت749هـ/1348م) وكـتاب الـروض المعـطار للحمـيري ( ت900هـ/1494م ) ،وكتب جغرافية أخرى أسهمت بشكل واضح في إتمام الرسالة .

ثالثا: كتب التراجم :

 

         استعملت  كتب التراجم في الفصل الاول في ترجمة شخصية لأبي عبيد البكري ، كما استعملت كتب التراجم في دراسة بعض الجوانب الاقتصادية ،ومن أهم هذه المصادر هي:-

أ-كتاب تاريخ علماء الأندلس ،لأبي الوليد عبد الله بن محمد الفرضي (ت403هـ/1012م) وهو كتاب جمع فيه فقهاء الأندلس وعلمائهم ورواتهم وأهل العناية منهم ملخصاً ومرتبا على الحروف الهجائية .

ب- كتاب الصلة لأبو القاسم خلف بن بشكوال (ت578هـ/1182م)وتضمن ترجمة كاملة لأبي عبيد البكري ،كما أشار الى تراجم العديد من شيوخ البكري، كما وقدم معلومات مهمة عن اسلاف البكري كما كان لكتاب التكملة لابن الابار فائدة كبيرة لا تقل في الاهمية عن كتاب ابن بشكوال.

ج- كتاب رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وأفريقية وزهادهم وعبادهم ونساكهم وسير من أخبارهم وفضائلهم وأوصافهم ،لابي بكر عبد الله المالكي (ت460هـ/1070م) الذي يحتوي على تراجم البعض الولاة ويذكر دورهم في النشاط الاقتصادي.

ح-كتاب معالم الايمان في معرفة أهل القيروان ،لابو زيد عبد الرحمن بن محمد (ت696هـ/1296م) الذي يحتوي على معلومات أقتصادية مهمة.

خ-كتاب اتعاظ الحنفا بأخبار الائمة الفاطميين الخلفا، للمقريزي تقي الدين أحمد بن علي (ت845هـ/1441م) وعلى الرغم من أن المعلومات هذا الكتاب تتضمن الجانب السياسي للدولة الفاطمية ألا أنه يتضمن بعض المعلومات الاقتصادية وخصوصاً في الجانب الصناعي والتجاري.

رابعا: المراجع الحديثة

كان للمراجع والدراسات الحديثة اهمية لا يمكن إغفالها في تعزيز المادة التي قدمتها تلك المصادر ومن اهم هذه المراجع هي:

كتاب تاريخ الجغرافية والجغرافيين في الاندلس ،الحسين مؤنس حيث يعد هذا الكتاب احد اهم المراجع التي استندت عليها هذه الدراسة حيث يقدم فيها مؤنس دراسة وافية عن العديد من الجغرافيين الاندلسيين الذين شاع ذكرهم في تلك الحقب ، وهو من خلال كتابه هذا قدم دراسة شاملة عن سيرة البكري ومؤلفاته ويختم بحث هذا بدراسة موجزة عن كتابي البكري في الجغرافية ، ولقد كان لهذا البحث اهمية بالغة في موضوع دراستنا.

كتاب مصادر البكري ومنهجه الجغرافي ، لعبدالله يوسف الغنيم ،مرجعا آخر ارتكزت عليه هذه الدراسة ، ولقد كان لهذا الكتاب أثر مهم في رسم صورة واضحة عن شخصية البكري والجوانب المتعلقة بسيرته الذاتية .

أما عن الجوانب الاقتصادية فقد أفادتنا الكثير من المراجع بمعلومات أقتصادية مهمة، منها النشاط الاقتصادي في المغرب الاسلامي في القرن السادس الهجري ،لعز الدين عمر موسى وفي الختام لابد من القول بان هناك الكثير من المصادر والمراجع والدوريات والاطاريح الجامعية التي افادت الدراسة بتقديمها معلومات مهمة مشار أليها في قائمة المصادر والمراجع ، ومن الله التوفيق.