محمد حسين كاظم الجبوري

الخلاصة

1- ان الازمات الاقتصادية هي واقع مفروض على مسيرة الاقتصاد مهما كانت طبيعته سواء اكان رأسماليا ام اشتراكيا . وهذه الازمات قد تكون محتملة او غير محتملة وقد تكون آثارها كبيرة وجسيمة او محدودة الآثار . ومهما كانت تلك الآثار فلا بد من معالجتها بقدرا عالي من الجدية والاهتمام , وهذه الجدية في معالجة الازمة لا بد ان تنسجم مع طبيعة النظام السياسي والاقتصادي , الا انه أتضح بأن من الافضل استخدام التخطيط الشامل لاجل حصر الموارد الاقتصادية بالكامل بيد متخذي قرار السياسة الاقتصادية لاجل اعطائهم الحرية في مجال التصرف وبالتالي القدرة على تخفيض مستوى الضرر الذي يصيب النظام الاقتصادي جراء حدوث الازمة .

2- اتضح لنا بأن الادارة الستراتيجية تعتبر من ضروريات الادارة السليمة للمتغيرات الاقتصادية الكلية , اذ يمكن التنبؤ او التوقع بمستوى تطور هذه المتغيرات او طبيعة الازمات التي قد تعترض سبيلها . اذ يصبح متخذ القرار من خلال استخدام الادارة الستراتيجية قادرا على وضع بعض التوقعات وسبل معالجتها , اذ يمكن وعند وقوع الازمات وضع سبل المعالجة طالما ان هنالك توقعات كانت قد سبقت الاحداث , لذا يمكن القول ان عمق الادارة الستراتيجية وعمق فلسفتها ادارة المتغيرات الاقتصادية يعتمد بشكل كبير على قدرة وبعد نظر متخذ القرار في هذا الجانب . وهنا يكون للحدس والتخمين دور بالغ في هذا المجال , اذ يمكن التخفيف من آثار الازمات مسبقا حتى قبل حدوثها اذا كان متخذ القرار الاقتصادي قادرا على بناء السياسات الاقتصادية البناءة .

3- بما ان الاقتصاد العراقي بحقيقته اقتصادا استخراجيا وزراعيا في ذات الوقت , وان تطوير بنى هذا الاقتصاد تستند على هذه الحقيقة , لذا فأن تطوير هذين القطاعين كان امرا حتميا كما اثبتته الدراسة . اما الصناعة التحويلية في مثل هذه الاحوال فلا بد لها من الاعتماد على هذين القطاعين بشكل كبير بأستثناء بعض الصناعات الستراتيجية . عليه فقد لاحظنا بأن محاكاتنا هذه كانت قد اولت اهتماما لهذين القطاعين , اذ نلاحظ بأنهما قد تطورا خلال فترة الازمة , كما يتضح من الجدول رقم ( 2 ) وهذا التطور قد خفض من شدة الازمة.

4- يمكن الاستفادة من القطاع النفطي خلال فترة الحصار من خلال انشاء صناعات تعتمد على مخرجات هذا القطاع , اذ من المعروف ان الصناعات البتروكيمياوية وخاصة الاسمدة التي يعتمد عليها هذا البلد بشكل كبير من خلال استخدامها من قبل القطاع الزراعي , يمكن ان تمتص قدرا وافرا من المنتجات النفطية . كما توجد العديد من الصناعات التي يمكن ان تعتمد على منتجات هذا القطاع . ولكن من خلال ملاحظتنا لمستوى الترابطات الكلية لهذا القطاع مع باقي القطاعات ضعيفة جدا سواء الامامية ام الخلفية , مما يعني عدم فاعليته في معالجة او التخفيف من آثار الازمة اسوة ببعض القطاعات الاخرى .  

5- اتضح بأن قطاع الصناعة التحويلية في العراق من خلال نتائج المحاكاة التي توصل لها النموذج وكذلك من خلال دراسة الترابطات الاقتصادية ان هذا القطاع يمكن الاعتماد عليه للتخفيف في حدة الازمة وذلك لقوة ترابطاته الأمامية الكلية خلال فترة الدراسة مما يعني بأنه قطاع على الرغم من انخفاض مستوى إنتاجه في سنة الهدف , الا انه قد اخذت اغلب القطاعات الاقتصادية الاعتماد عليه خلال فترة الحصار . وذلك لغياب البدائل الاجنبية .

6- يبدو انه بالامكان التخفيف من وطئة الازمات الاقتصادية كما اتضح لنا في الاطار التطبيقي في هذا البحث , من خلال اعداد خطة اقتصادية مدارة مركزيا تهدف الى تفعيل بعض القطاعات الاقتصادية المهمة لا سيما القطاعات التي تتوفر لها الموارد الكافية لتطورها . اذ لاحظنا بأن تفعيل بعض القطاعات كانت له جدوى اقتصادية كبيرة ادت الى معالجة التباطؤات او التراجعات في القطاعات الاخرى . اذ ظهر كحصيلة نهائية على الرغم من شدة ازمة الحصار انه قد تم تحقيق ( 99,6% ) من الناتج القومي لعام ( 1990 ) وهذه خطوة اقتصادية في رأينا كبيرة جدا في ظل ظروف الحصار الاقتصادي من هذا النوع .

7- في ظل ازمة كأزمة الحصار الاقتصادي التي اصابت الاقتصاد العراقي خلال فترة التسعينات , لا شك بأن مستوى اداء القطاعات الخدمية سيتدنى الى ادنى المستويات , بسبب التركيز على القضايا ذات الاولوية مثل توفير مستلزمات الحياة الاساسية كالغذاء والدواء …الخ . ولكن من خلال ملاحظتنا لمستوى التطور في ناتج القطاعات الخدمية المتحقق بعد اجراء المعالجات المفترضة من قبلنا لاحظنا بأنه قطاع يستجيب للتحفيز ويمكن من خلاله امتصاص جزء كبير من الموارد العاطلة في القطاعات الاخرى .

8- من خلال النظر الى الترابطات الامامية والخلفية المباشرة وغير المباشرة بعد اجراء عملية المحاكاة يبدو انها قد شهدت تطورا ملحوظا خلال فترة الدراسة , مما يدل على زيادة الاعتماد المتبادل خلال فترة الحصار فيما بين القطاعات الاقتصادية وهذه الحالة جيدة في ظل ازمة الحصار . وهي دليل على امكانية السياسة الاقتصادية في معالجة الازمات مهما كانت طبيعتها .