عباس فاضل رسن التميمي

المستخلص….    

تسعى هذه الدراسة إلى بيان أثر تقلبات أسعار النفط الخام على حركة أسعار الأسهم في السوق المالية، وكذلك بيان أهم العوامل التي تؤدي إلى حدوث هذه التقلبات، والآثار التي خلفتها على الاقتصاد العالمي ، وبهدف تحقيق ذلك تم اختيار عينات مختلفة من الدول النامية والمتقدمة لكل من الدول المصدرة والمستهلكة للنفط ، وقد اعتمد البحث بيانات الأسواق المالية اليومية (أسعار الأسهم)لكل من المملكة العربية السعودية كونها المصدر الأول في العالم للنفط الخام ، كما تم اعتماد السوق الكندية كونها المصدر الرئيسي لأكبر قوة اقتصادية في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية كما تعد المنتج والمصدر الأول عالميا للنفط الخام غير التقليدي المستخرج من الرمال والصخور الزيتية ، وقد مثلت أمريكا عينة الدول المتقدمة المستهلكة للنفط الخام للسبب المذكور آنفا ، أما الأردن فقد مثلت عينة الدول النامية المستهلكة للنفط كونه يشكل نسبة مدفوعات كبيرة من وارداتها ما يقارب 25% منها ، بالإضافة إلى الأسواق المالية البارزة والتي تعود لهذه العينات ، لقد تم اختبار البيانات اليومية كاملة لعامي (2008-2009 ) لكل من السوق المالية السعودية والأردنية ، أما السوق المالية الكندية والأمريكية فقد تم اختيار عينات محددة بناء على الشهرة العالمية التي تتمتع بها الشركات الأمريكية والقوة السعرية لأسهم الشركات الكندية لنفس المدة وذلك لسعة هذه الأسواق وعدم التمكن من تغطية كل الشركات المسجلة فيها كونها ذات عدد كبير جدا كما تم اختبارها على أساس المؤشرات الشهرية للمدة المبحوثة وكانت النتائج مطابقة0 وقد خلص التحليل التطبيقي إلى إثبات جميع الفرضيات التي تضمنها البحث والخروج بعدد من الاستنتاجات كان من أهمها الآتي :-

1- إن دور النفط الخام في الحياة الاقتصادية العامة بات يمثل دورا مؤثرا بشكل اكبر من كونه المصدر الرئيسي للطاقة ، بل أصبح اليوم يلعب دورا أوسع من خلال تأثيره في النشاط الاقتصادي العالمي والذي برز كأثر واضح على الأسواق المالية ومستوى الأسعار فيها 0

2- إن لتقلبات أسعار النفط الخام دورا مؤثرا على أسعار الأسهم في الأسواق المالية للدول المصدرة للنفط الخام بشكل اكبر من الدول المستهلكة مع الأخذ بنظر الاعتبار محدودية هذا الاختلاف 0

3- يتفاوت حجم أثر هذه التقلبات على الدول المصدرة تبعا لتقدمها الاقتصادي والتكنولوجي فالدول النامية أظهرت ارتباطا أكبر نسبيا من الدول المتقدمة مع هذه التقلبات وذلك لمحدودية وضعف هياكلها الاقتصادية وصعوبة تكيفها اقتصاديا مع هذه التقلبات بمدة زمنية مناسبة0

4- يمتد هذا الأثر إلى الأسواق المالية للدول المستهلكة للنفط الخام ، وكانت الدول المتقدمة المستهلكة للنفط أكثر استجابة لهذه التقلبات من الدول النامية مع فارق بسيط أيضا ، ويعود السبب في ذلك لسعة الأسواق المالية ومستوى الاعتمادية العالي على هذه الأسواق في توسيع وتنمية وتمويل النشاط الاقتصادي ، بينما لا تزال الأسواق المالية ذات دور محدود اقتصاديا وماليا في الدول النامية0

5- يلعب مستوى النمو الاقتصادي دورا مهما وايجابيا في مواجهة التغيرات التي تحدثها تقلبات أسعار النفط على مستوى الأسعار في الأسواق المالية بالنسبة للدول المصدرة للنفط ، بينما

يمثل ثقلا إضافيا يتطلب مواجهته بالنسبة للدول المستهلكة للنفط ، حيث تواجه الأولى انخفاضا أو ارتفاعا في العوائد المالية فقط ، بينما تواجه الأخرى لاسيما عند ارتفاع أسعار النفط الخام (صدمة طلب) زيادة في نفقاتها الاستيرادية ونقصا في مصادر الطاقة الأساسية في آن واحد مما يرفع كلفة الإنتاج ويزيد معدلات التضخم0

6- شهدت السوق النفطية العالمية نوعين من التقلبات (الصدمات) خلال مدة البحث هما :-

أ‌-       صدمة الطلب – وقد عاشتها السوق النفطية في الربع الثاني والثالث من عام 2008 نتيجة النمو الاقتصادي الكبير لبعض دول جنوب شرق آسيا وتحديدا الهند والصين، أما عام 2009 فقد شهد صدمة الطلب في الربع الثاني والثالث منه أيضا وذلك بعد تعافي الاقتصاد العالمي من آثار الأزمة المالية التي شهدها في العام السابق0

ب‌-  صدمة العرض- تجلت هذه الصدمة في الربع الأخير من عام 2008 والربع الأول من عام 2009 نتيجة لتباطؤ الاقتصاد العالمي متأثرا بالأزمة المالية العالمية 0

7- أظهرت نتائج تعقب وتحليل حركة أسعار النفط تقلبا كبيرا في أسعاره وخاصة خلال عام 2008 ، وقد وصل المدى ( (R فيه بين أدنى سعر وأعلى سعر للعام نفسه إلى (113.26 ) لعينة الخام الأمريكي(WTI) و بنسبة مدى بلغت 360% فكانت النسبة الأعلى لكل الفترة الزمنية التي يغطيها البحث، كما حققت عينة خام دبي نسبة مدى مرتفعة أيضا بلغت 284 % بمدى بلغ 104.12 دولار ولكنها كنتيجة تعد دون نسبة التقلب في العينة الأمريكية بنسبة 21 % وهو مؤشر ذو دلالة ايجابية على تقلب أدنى لهذه العينة كون المنطقة التي تمثلها لم تشهد آثارا واسعة للازمة المالية التي شهدها العالم بقوة في قارة أمريكا وأوربا فكان الطلب على النفط فيها أكثر استقرارا0

8- لقد كان عام 2009 أكثر استقرارا في تقلبات أسعاره من العام السابق ولكنها أيضا كانت مرتفعة فكانت نسبة المدى R)) بمقدار 138% للعينة الأمريكية بينما بلغت نسبتها لعينة دبي 98.2 % وهي نسبة تغير لصالح العينة الثانية أيضا بمقدار الثلث ( 31%) مما يدعم النتائج التي ظهرت في العام الأول0

9- حققت أسعار النفط الخام قيمة تغير سالبة لمجموع التغير لكلا العامين بلغت (-20.28) للخام المرجعي الأمريكي ، بينما حقق الخام المرجعي الإماراتي قيمة تغير أدنى بلغت (-11.77) وهذه نتيجة واضحة تدعم فكرة أن خام دبي كان الأكثر استقرارا في تقلباته وذلك لتفاوت الأثر الإقليمي المترتب على الأزمة المالية التي مازلنا نعيش آثارها حتى يومنا هذا ، ورغم هذا كانت استجابة أسواق الدول النامية في المنطقة التي يمثل مرجعيتها هذا الخام هي الأضعف بسبب عدم استجابتها السريعة للمتغيرات الاقتصادية العالمية كما هو حال اغلب اقتصاديات دول العالم النامية0

10- كانت نتائج الارتباط والأثر ذا اتجاه طردي (موجب) قوي وشبه تام بين هذه التقلبات وأسعار الأسهم في الأسواق المالية لكل دول العالم سواء أكانت مصدرة أم مستوردة للنفط الخام مع الأخذ بالاعتبار التفاوت بين كل منهما حسب درجة النمو الاقتصادي التي يتمتع بها كل بلد 0