المستخلص :
شهدت نهاية القرن العشرين إعادة الاهتمام بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بعد عقود من الجهد التنموي الوطني والدولي لانتشال البلدان النامية من الفقر والتخلف ، أنتجت أوضاعا اقتصادية واجتماعية وسياسية شكلت عقبات كبيرة واجهت وما تزال تواجه عملية التنمية بمفهومها الواسع في تلك البلدان.
انطلقت هذه الدراسة من فرضية مفادها ان بناء مجتمع تتوافر فيه تنمية شاملة عالية المستوى يتميز افرادها باتساع نطاق خياراتهم الاقتصادية والإنسانية يتحقق عن طريق تمكين القدرات البشرية وتقويض الممارسات التي من شانها إن تؤدي إلى الحرمان البشري .
تضمنت هذه الدراسة ثلاثة فصول اذ تناول الفصل الأول مفهوم التنمية البشرية من بديهية ان الإنسان هو صانع التنمية وهو هدفها ، وان النمو الاقتصادي لا يمثل هدفا بحد ذاته بل وسيلة لتحسين حياة الإنسان فضلا عن زيادة الفرص في التعليم والتدريب والرعاية الصحية يحتويها دليل تركيبي يقيس مدى اتساع الخيارات الاقتصادية والإنسانية لبلدان العالم في مجالات متسعة في تحديد مفهوم التنمية البشرية أو بلورة مضمونه عبر مسارات متعاقبة تنوعت مع الزمن واختلاف الإيديولوجيات ، وتركز على استدامة النتائج الايجابية والحد من الممارسات التي تؤدي إلى افقار البشر والعمل على تعزيز مبادئ الكرامة والأمن والمساواة والحرية والاستدامة البيئية في ظل التركيز على العلاقات المتبادلة للعوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية والذي تلعب فيه الحكومات دورا أساسيا مهما بوضع السياسات اللازمة التي تتمحور في توفير التمويل اللازم للإنفاق على تهيئة البنى الأساسية المادية والبشرية والاجتماعية اللازمة لبناء قاعدة بعيدة المدى في التنمية الشاملة .
وفي إطار ذلك تم النظر في الفصل الثاني إلى واقع التنمية البشرية في العراق عن طريق اتجاهات النمو الاقتصادي ومدخلات مؤشري الصحة والتعليم والوضع البيئي وتنوع الفقر ، فضلا عن باقي مسارات التنمية البشرية والتي أظهرها الباحث في شكل تحديات مثلت محاور استقطاب لجملة من المعوقات الرئيسية لتحقيق مستوى متقدم من التنمية البشرية ، وقد تم الاستعانة في الفصل الثالث بالعلاقة الديناميكية الموجودة بين متغيرات الدراسة وباستعمال الأسلوب الكمي التحليلي عن طريق معادلة الانحدار الخطي المتعدد ، وذلك لتقدم هذه الدراسة العون في إمكانية توجيه السياسات الاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى رفع مستوى التنمية البشرية في العراق .