المستخلص
يعد التضخم مشكلة عانت منها جميع الاقتصاديات سواء كانت متقدمة ام نامية فهي تعبر عن ارتفاع المستوى العام للأسعار، ويترتب على عدم وجود استقرار في الأسعار تذبذب حجم الناتج المحلي وضآلة تعبئة المدخرات المالية وسوء توزيع الدخول والثروات، ويتفق معظم الاقتصادين على ان التحول في المستوى العام للأسعار يتم متابعته من قبل البنك المركزي واتخاذ الاجراءات الضرورية للحد منه ،ومن هذا المنطلق يعد تحولاً ضمنياً إذا ما عرفنا انه يمثل الانتقال من استهداف لعرض النقد بمفاهيمه المختلفة وذلك باستهداف سعر الصرف الى استهداف التضخم نفسة باستخدام ادوات السياسة المالية والنقدية نفسها، وبذلك وفي بداية التسعينات اتبعت العديد من البلدان إسلوبا حديثا لإدارة السياسة النقدية بغية تحقيق الاستقرار في الأسعار عرف “بسياسة استهداف التضخم”.
وقد حاولت هذه الدراسة تقييم استخدام هذه السياسة ودراسة امكانية تطبيقها في اقتصاد كالاقتصاد العراقي الذي شهد ظروف اقتصادية قاسية خلال المدة (1980-2010)، متمثلة بالحرب العراقية – الإيرانية وحرب الخليج الأولى وما تلاها من حصار اقتصادي خلال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وكذلك حرب مدمرة أخرى انتهت باحتلال العراق عام 2003، ونتيجة لهذه الظروف فقد شهد الاقتصاد العراقي ارتفاعات حادة في معدلات التضخم وصلت إلى مستوى التضخم الجامح، وارتفاع في حجم الإصدار النقدي وتدهور كبير في سعر صرف الدينار العراقي.
وتنطلق الدراسة من فرضية مفادها ، أن نسب نجاح سياسة استهداف التضخم كانت تختلف باختلاف الشروط والاجراءات اللازمة لتطبيق هذه السياسة.
ومن اجل التحقق من فرضية الدراسة فان هيكل الدراسة قسم الى ثلاثة فصول ،تناول الأول الإطار النظري للتضخم ،والثاني اهتم بتحليل تجارب مختارة لأسواق متقدمة (نيوزلندا، بريطانيا) وأسواق ناشئة (شيلي، تركيا)،وإلى تقييم تجارب تلك الدول عن طريق التحليل القياسي لاستخراج النتائج .إما الثالث فقد تطرق إلى إمكانية تطبيق سياسة استهداف التضخم في الاقتصاد العراقي من خلال دراسة واقع الاقتصاد العراقي للمدة (1980-2010)،ثم دراسة متطلبات تطبيق سياسة استهداف التضخم في الاقتصاد العراقي.
وقد توصلت الدراسة الى نتائج اهمها ان عدم توفر شروط تطبيق هذه السياسة في الاقتصاد العراقي حال دون تطبيقها لكن بالإمكان اعتماد هذا الاسلوب في ادارة السياسة النقدية في المستقبل على ان يسبق ذلك تذليل الصعوبات التي تواجه تنفيذ هذه السياسة.