بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين القائل: (عَلَّمَ الإنسانَ ما لم يعلم)([1]) والصلاة والسلام على معلم الناس محمد واله الطيبين الطاهرين.
وبعد. .
إن البحث في موضوع مستندات الإيداع لم يتأتِ من فراغ فأينما وجد الفرد والمجتمع ظهرت الحاجة إلى التعامل بالبيع والشراء الذي ُيعد من أهم الوسائل التي يضّمن الفرد بها حياة كريمة ليقوم بما أستخلفه الله في هذه الارض من أجله وهو العمل بمنهجه والسعي إلى اعمارها بإذنه ، ومما لا شك فيه أن التطور الذي شهده المجتمع على مَّر العصور في شتى المجالات لاسيما المجال التجاريّ والاقتصاديّ كان له بالغ الأثر في أزدهار هذا العقد ، وللتزود بفكرة مفيدة حول موضوع البحث ، وجدنًا من المناسب أِن نتناول في هذه المقدمة سبع فقرات ، تخصص الأولى للتعريف بموضوع البحث ، والثانية لبيان أهمية موضوع البحث وأسباب اختياره ، والثالثة لإشكالية الموضوع ، والرابعة لأسئلة وفرضيات موضوع البحث ، والخامسة لنطاق موضوع البحث ، والسادسة لغرض منهجية موضوع البحث ، والسابعة لخطة موضوع البحث.
أولًا / التعريف بموضوع البحث
دعت حاجة التجارة في الوقت الحاضر والتي تجاوزت الحدود الإقليمية وأصبحت محل اهتمام ، لاسيما المنظمات الدولية التي نظمتها كالاتفاقية العالمية المعروفة بمنظمة التجارة العالمية ، والتي صارت تعتمد على التصدير والاستيراد بكميات كبيرة للاستفادة من فروقات الأسعار والأسعار المخفضة للنقل إلى استحداث وسائل تسهل على المستوردين شراء الكميات الكبيرة من البضائع والسلع من دون أن تتوافر لديهم إمكانية تخزينها ونقلها إلى حيث موطنهم التجاري الذي قد يكون بعيدًا عن سوق التعامل في هذا النوع من السلع(2)، في الوقت الذي توفر لهم هذه الوسائل سبيل التعامل الفوري على هذه السلع سواء بالبيع أو الرهن وسواءٍ أكان الرهن واردًا على جميع البضائع منها فقط عند وصولها او بعضها.
ومن بين هذه الوسائل ، الايداع في المستودعات العامة والتي تحقق للمودع سبيل التخزين في مستودع عام معد لحفظ السلع والبضائع وصيانتها ، إذ تقوم هذه المستودعات بحفظ البضائع والعناية بها مقابل أجر معين ، وتصدر هذه المستودعات وثائق تمثل البضائع المودّعة يجري عليها جميع العمليات التي يقوم بها التاجر ، فيمكن أن يبيعها ويتم مثل هذا البيع بتسليم البائع المستند إلى المشتري حيث يحمل هذا المستند كافة البيانات المتعلقة بالبضاعة المودّعة ، ويستطيع المشتري أن يقوم ببيعها عن طريق التظهير وهكذا يتداول المستند والبضاعة المودّعة حتى يتسلمها المشتري الأخير من المستودع ، وقد يعوز المودع المال فيقترض بضمان البضاعة المودّعة ، ويتم الرهن بتسليم الوثيقة ، وإذا أحتاج الدائن المرتهنِ إلى مال أمكنه رهن الوثيقة مرة أخرى ، وهكذا تتداول حتى حلول أجل الرهن فيتقدم الدائن الأخير إلى المدين لمطالبته بالأداء أو التنفيذ على البضاعة المودعة والتي تُعدٌ قانونًا في حيازته مادام يحوز الوثيقة التي تمثلها .
وبناءً على ذلك يتيح هذا النظام للمودّع القدرة على التصرف في البضاعة المودّعة بالتنازل عن المستندات التي تمثلها عن طريق التظهير ، دون الحاجة إلى نقل البضاعة من المستودع ، وعليه فإن هذه المستودعات توفر على التاجر نفقات لا مبرر لصرفها كاستئجار محل لخزن بضاعته وحراستها ، وقدّ لا يستمر الإيداع إلا بضعة أسابيع أو أشهر ، وتضّمن له حفظ البضاعة وسلامتها وضمان الإضرار التي تصيبها ، وميزتها الاساسية تسهيل التعامل بالبضاعة المودّعة فيها ، فضلًا عن ذلك فهي تمكن المنتج من الحصول على النقود اللازمة لصناعته حتى قبل بيع المصنوعات ، ويتم ذلك بإيداع الانتاج لديه واقتراضه مبالغ عن طريق رهن البضاعة ، فضلًا عن ذلك فان هذا النظام يوفر الكثير من الضمانات التي تحمل الثقة في الحفظ المادي للبضائع وصيانتها وعدم التصرف في البضاعة المودعة أو نقل حيازتها ألا لصاحب الحق القانوني فيها وبالشروط التي يقررها القانون ، فإذا ما توفرت كل هذه الضمانات في المستودعات العامة فان بإمكانها أن تجنّب أصحاب الشأن من كل إجراء يتعلق بحيازة البضاعة المودّعة ، وتؤدي إلى تعطيل سير العمليات القانونية عليها وذلك بإصدار المستندات الممثلة للبضاعة المودّعة والتي تتضمن بيانات تعين كميتها وذاتيتها وطبيعتها على وجه الدقة واليقين ، ومن ثم فإن حيازة البضاعة المودّعة تتم بحيازة هذه المستندات وهما: شهادة الإيداع ووثيقة الرهن وتنتقل بانتقالها ، وعليه فان شهادة الإيداع ووثيقة الرهن التي تصدرها هذه المستودعات تُعدّ وثيقتان خاصتان بأثبات واقعتي البيع والرهن ، وهما دليل على أن المخزن هو من المستودعات العامة.
ثانيًا / أهمية موضوع البحث وأسباب اختياره:
تظهر أهمية دراسة موضوع مستندات الإيداع في المستودعات العامة من نواحي متعددة ، فمن الناحية العملية ، تظهر أهمية دارسة مستندات ايداع البضائع في المستودعات العامة نظرًا لحاجة التجار وغير التجار إلى إيداع بضائعهم في هذه المستودعات مؤقتًا حتى يتم التصرف فيها وبيعها بموجب شهادة الإيداع أو رهنها بموجب وثيقة الرهن أو غير ذلك من التصرفات ، أو حتى يتم سداد الرسوم الكمركية عليها إذا كانت هذه البضائع مستوردة من الخارج ، فضلًا عن ذلك فإن رهن البضائع وهي في المستودعات العامة يتم في خلال وثيقة رهن ، وما لهذه الخاصية من أهمية عملية كبرى ، إذ تبقى البضاعة مودَعة من دون أن تنتقل الحيازة الفعلية (كما في الرهن الحيازي) إلى الدائن المرتهنِ ، وإلى غير ذلك من الحاجات العملية التي تستلزم الإيداع لهذه البضائع في المستودعات العامة بموجب مستندات الإيداع .
أما من الناحية الاقتصادية ، تظهر أهمية مستندات الإيداع ، عندما تكون البضائع المودّعة بحاجة إلى تخزين وحفظ ، فالفواكه واللحوم والأسماك ، وكذلك الأدوية ، أو مواد البناء ، أو الآلات والمعدات والسيارات قد يستلزم إيداعها في المستودعات العامة المخصصةِ لحفظها ، وإلاّ تعرضت للفساد أو الهلاك أو السرقة مما يتسبب في خسارة اقتصادية ، وهنا تظهر أهمية مستندات الإيداع من خلال ما تتضمنه من بيانات معينة عن كمية البضاعة المودعة ونوعها وحجمها وطبيعتها ، حيث تبرز أهمية مستندات الإيداع من حيث اعتبار المستودعات العامة أداة ووسيلة للمحافظة (ولو مؤقتًا) على الثروات الاقتصادية المملوكة للأشخاص ، بالإضافة إلى ذلك فإن هذه المستندات تمنح المودّع إمكانية التصرف في البضاعة المودعة في أنسب الأوقات والظروف بسهولة عن طريق تظهير هذه المستندات ، مما يتيح للمودعين فرصة تسويق بضائعهم بأحسن الأسعار ومن ثم زيادة دخلهم ، ومما لا شك فيه أن هذا النظام من شأنه توفير خدمات جليلة للمزارعين ، ذلك أن المنتجات الزراعية هي أكثر المنتجات التي تتعرض لتقلبات حادة في الأسعار.
ومن الناحية القانونية ، تظهر أهمية دارسة هذه المستندات في أنها تبين لأطراف عقد الإيداع حقوق والتزامات كل طرف ، من حيث المدة والأجر لمعرفة تكلفة الإيداع والتخزين ، ولمعرفة الواجبات الأساسية والمفروضة على المودع لديه من ضرورة الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المتخصصة ، وضرورة التأمين على البضائع المودعة فيه قبل بدء ممارسة نشاطه في المستودعات العامة ، كما يحظر عليه الاتّجار ببضائع مشابهة لما يقوم بحفظه وكذلك معرفة الواجبات الأساسية على مودع البضائع ، من حيث تقديم بيانات صحيحة عن طبيعة البضاعة ونوعها وقيمتها ، حتى يستطيع المودع التصرف في البضائع يبيعها أو رهنها بتظهير هذه المستندات للغير من دون حاجة إلى نقل البضائع كما تفيد في اثبات العقد.
أما أسباب اختيار هذا الموضوع ، فان هذا الموضوع لم يلقِ الاهتمام لدى شراّح القانون التجاري ولا الباحثين بخلاف العقود التجارية الاُخرى ، إذ لم تتوافر رسالة أو أطروحة كتبت بهذا الموضوع ، على الرغم من أنتشار هذا العقد في الحياة العملية وأهميته ، فضًلا عن ذلك فإن نصوص القانون المنظمة لعقد الإيداع في المستودعات العامة لم تستوفِ الموضوع بصورة واضحة ، وهو ما شجعني ٍ على اختيار الموضوع أهمية المستندات التي تصدرها المستودعات العامة.
ثالثًا: إشكالية موضوع البحث:
تكمن مشكلة البحث في وجود العديد من المشاكل التي تثار من حيث تطبيق النصوص القانونية المنظِّمِة لعقد الإيداع والواقع العملي من حيث غموض هذه النصوص واختلافها و الواقع العملي ، إذ إن المستودعات العامة لا تعدّ فقط أماكن تودع فيها البضاعة تمهيدًا لحركتها إلى مكان أخر، وإنما يترتب عليها نتائج قانونية تتمثل في اصدار المودَّع لديه لشهادة الإيداع ووثيقة الرهن تمثل البضاعة المودّعة ومن أبرز خصائصها قابليتها على التداول ، وما ينجم عن ذلك من نتائج قانونية واقتصادية تتمثل في حق المودَّع أو من ظهر له شهادة الإيداع أو وثيقة الرهن من بيع البضاعة أو رهنها من دون تحريكها في المستودع العام وما يترتب على هذه الخاصية من إشكاليات قد تثار خلال تنفيذ العقد ، كما تكمن مشكلة البحث في تنظيم المشرع لعقد الإيداع في المستودعات العامة ، إذ جاء تنظيم المشّرع لعقد الإيداع بصورة غامضة وغير مستوفية لكل جوانب وأدوار هذه المستندات التي تصدرها المستودعات العامة ، فضلًا عن ذلك فان الباحث واجه مشاكل تتعلق بندرة القرارات القضائية التي حاولنا جاهدين العثور عليها من دون جدوى ، سواء أكان في ميدان القضاء العراقي أم القضاء المصري ، فضلًا عن القضاء الفرنسي ، باستثناء عدد من أقضية المحاكم المصرية والفرنسية ، وهذا ما أدى إلى تناقض القرارات القضائية في هذا الموضوع ، بالإضافة إلى ذلك فان معالجة الفقه لم تستوف الموضوع بصورة شاملة ، وعلى الرغم من صعوبة هذا الامر وقصور الدراسات القانونية عن دراسته دراسًة معٌمقة ، حاولنا أن نذلل هذه الصعوبات من خلال الاستعانة بالمصادر والمؤلفات العربية والاجنبية منها من أجل الاحاطة بما طرحه الفقه من أراء لتحديد طبيعة هذه المستندات، ووضع بعض المقترحات لاستثمار العمل بها على الوجه التام لتحقيق الهدف المنشود من الرسالة.
رابعًا : أسئلة وفرضيات موضوع البحث :
يمكن أن يثير بحث مستندات الإيداع العديد من الأسئلة المتعلقة بالمفهوم أولًا ، وبطريقة التنظيم التشريعي ثانيًا ، و بالقيمة القانونية او الحقوق ثالثًا ، كما يأتي :
1- نظّم المشرع العراقي عقد الايداع في المستودعات العامة في قانون التجارة ووضع الاحكام الخاصة به والتي تميزه عن غيره من العقود ، فهل بين المشرع طبيعة هذا العقد وهل هو من العقود العينية ، والذي يلزم لإبرامه تسليم البضاعة إلى صاحب المستودع ، أم انه من العقود الرضائية التي لا يلزم فيها التسليم ، والتسليم شرط لتنفيذ عقد الإيداع ؟
2- هل إن تنظيم المشرع العراقي لشهادة الإيداع ووثيقة الرهن جاء شاملًا لأحكام هذه المستندات ، بحيث وضع الصورة الشاملة والواضحة لها ، واستوفي جميع أحكام المستندات من جهة تعريفها وبيان خصائصها وطبيعتها وأحكام تداولها والبيانات الواجب توافرها في المستندات وأحكام ضياعها ؟ وإذا كان المشّرع العراقي قد نظّم هذه المستندات ، فما مدى انطباق هذه الإحكام وتوافقها مع الواقع العملي المعمول به حاليًا؟
3- عرضنا تساؤَلًا مفاده ، إذا كانت المستودعات العامة تُصدّر مستندين فهل يمكن فصل شهادة الإيداع عن وثيقة الرهن في التشريعات المقارنة؟ أم إنه عبارة عن ورقة واحدة من جزئيين بحيث لا يمكن فصل أحدهما عن الأخرى ؟
4- إذا كان لمستندات الإيداع أهمية بالغة في هذا العقد باعتبارها تمثل سند ملكية للبضاعة المودّعة وإثبات لعقد اٍلإيداع ، فهل إن هذه المستندات من الناحية القانونية والعملية جاءت مستوفية لجميع البيانات المتعلقة بالبضاعة المودّعة وإنها خالية من أي نقص قد يؤدي إلى ضياع حقوق المودع أو مَن ستؤول إليه ملكية البضاعة المودّعة بمقتضى المستندات الممثلة لها ؟
5- من أجل حماية حقوق حائز شهادة الإيداع ووثيقة الرهن وما يترتب على ذلك من توافر الثقة وتشجيع التعامل ، فهل كان المشرع العراقي موّفقًا في تحديد مسؤولية المودّع لديه عن البضائع المودعة لديه؟ بحيث إن تنظيم المشّرع العراقي لهذه المسألة يؤدي إلى تحقيق العدالة بين طرفي عقد الايداع؟ كما طرحنا تساؤل فيما إذا كانت يد المودع لديه على البضاعة المودعة هي يد أمانة أو يد ضمان ؟ وماذا يترتب على ذلك من نتائج قانونية.
6- عرضنا تساؤلًا بصدد استبدال البضائع والأشياء المودّعة ، فالنصوص التشريعية جاءت عامة بجواز استبدال البضاعة المودعة إذا كان منصوصًا على الاستبدال في شهادة الإيداع ووثيقة الرهن ، ولكن ما الحكم في حالة عدم وجود اتفاق بين الطرفين على الاستبدال و رغبَ المودٌع في استبدال بضاعته المودّعة خاصة إذا كانت تلك البضاعة معّرضة للهلاك أو التلف ؟ وما مدى مسؤولية المودّع لديه في حالة تحقق الهلاك أو التلف؟
7-إذا كان لحائز المستندات حق سحب البضاعة المودعة في المستودع العام ، فما الحكم لحالة سحب جزء من البضاعة المودعة و المرهونة ، وقيام حامل شهادة الإيداع بتسليم المودّع لديه مبلغًا يتناسب مع الدين الذي يقابل هذا الجزء حتى يحق له السحب ؟ فهل يتعارض هذا مع قاعدة عدم تجزئة الرهن؟
8- يثار التساؤل حول قيمة مستندات الإيداع ، فقد يتفق المودع مع المودع لديه على إتيان العقد في شكلية خاصة قد تكون لغرض إثباته أو شرطًا لانعقاده، فاذا تنّصل طرفا العقد عن مراعاته وتنفيذه ، فهل ينهض هذا الأمر سببًا لبطلان العقد وعدم إنتاجه آثاره القانونية باعتبار أن اتفاق الطرفين قد ينَصب على إصدار المستودع مستندات شرطًا للانعقاد أم للإثبات؟ أم انه مما لا ينسحب تأثيره على العقد ، ويمكن تنفيذ العقد من دون النظر إلى الاتفاق بين الطرفين ، على اعتبار أنه مادام يشكل اتفاقًا فإنه من الممكن التنازل عنه من دون أن يؤثر على تنفيذ العقد الذي يتضمنه؟ فضًلا عن ذلك ، فإن أتفاق الطرفين على إتيان العقد في شكلية معينة قد يشوبه الشك في تفسير هذه الاتفاق ، فما هي الحلول اللازم القيام بها من أجل حل هذه المشكلة؟
9 – بعد أن نبينَ إجراءات التنفيذ على البضاعة المودعة في المستودع العام ، سنعرض فرضية معينة تتمثل بحق حائز وثيقة الرهن بتملك البضاعة المرهونة بموجب وثيقة الرهن ، فهل أجازت التشريعات المقارنة هذا الامر ، أم إنها حسمت الامر وقطعت الطريق أمام حامل الوثيقة بتملك البضاعة ؟
10- تناول المشّرع العراقي أحكام ضياع مستندات إيداع البضائع في المستودعات العامة ، وبين الإجراءات اللازمة للحصول على نسخة من المستند الضائع ، فهل إن هذه الاحكام جاءت مستوفية لضمان حق المالك الاصلي للبضاعة ؟ كما إن الواضح من خلال نصوص المواد التي نظمت حالة ضياع مستندات الإيداع أنها اشارتِ إلى حالة ضياع المستندات فقط دون أن تتطرق إلى حالات سرقتها أو تلفها ، والتي من الممكن أن تحصل ، فهل من الممكن أن نطبق هذا الحكم على حالات سرقة المستندات أو تلفها ؟
خامسًا: نطاق موضوع البحث
يتحدد نطاق البحث بدارسة المستندات التي تصدرها المستودعات العامة التي نظمها المشّرع العراقي في المواد من (202-217) الفرع الثاني من الفصل الاول (العقود التجارية ) لدى تنظيمه العقود التجارية والعمليات المصرفية في الباب الرابع من قانون التجارة رقم (30) لسنة (1984) ، إذ يتناول البحث تحديد مفهوم هذه المستندات وأثرها في مرحلة انعقاد العقد وتنفيذه ، كما يشمل البحث أحكام تداول ووفاء المستندات في المستودعات العامة ، من دون التطرق إلى عقد الإيداع إلا من باب المقدمة والمدخل التعريفي للموضوع، حيث ينصب البحث على دور المستندات التي تصدرها المستودعات العامة.
سادسًا / منهجية موضوع البحث
أن منهجية البحث تكون وفقًا لدارسة تحليلية مقارنة مع بعض التشريعات وبين القواعد التي نظّمها القانون العراقي ، وسيتحدد منهج المقارنة بين القانون العراقي والمصري ، فضلًا عن القانون الفرنسي ، ذلك إنّ البحث في مشكلة معينة لغرض الوقوف عليها وتشخيصها بصورة دقيقة وسبل معالجتها يقتضي بيان بحثها في الأنظمة القانونية المتقاربة والمتجانسة فيما بينها والمختلفة في الحلول ، ذلك إن اختيار أنظمة قانونية موحدة في الحلول لا يؤدي إلى منفعة نظرية ، ولا إلى منفعة عملية ، لأن الحكم سيكون واحدًا ومادام الحكم واحدًا فليس هنالك جدوى ولا مصلحة في المقارنة ، بيد أن اختلاف النظم القانونية للتشريعات المقارنة عنصر أساسي لا بد منه لقيام البحث ، لكن هذا الاختلاف ينبغي ألا يبلغ حد التعارض في الأسس التي تقوم عليها التشريعات القانونية ، وألا يترتب على ذلك تنافر بين مفاهيم كل نظام قانوني في الأنظمة القانونية المقارنة الأخرى ، الأمر الذي يؤدي إلى عدم التسامح في قبول الحلول للنظم القانونية المتضمنة لأفكار تختلف اختلافًا جوهريًا عن المبادئ والأسس التي تقوم عليها قوانينها ، كما سنقوم بتحليل النصوص القانونية والآراء الفقهية التي نعرض لها كلما تطلب الأمر ذلك من أجل بيان الملاحظات التي ترد عليها وتسليط الضوء على مكامن القوة والضعف فيها ، والمعالجات التي ينبغي الاخذ بها ، وبيان موقف القضاء من هذه القوانين موضوع المقارنة.
سابعًا / خطة موضوع البحث
ارتأينا أن نقسم دراسة موضوع النظام القانوني لمستندات الإيداع في المستودعات العامة على ثلاثة فصول ، ومبحث تمهيدي ، حيث سنتناول في المبحث التمهيدي ، مفهوم الإيداع في المستودعات العامة ، وسنقسمه على مطلبين ، في المطلب الاول ، ندرس ماهية عقد الإيداع من خلال بيان تعريف هذا العقد و خصائصه ، والمطلب الثاني ، وضحنا فيه ماهية المستودعات العامة ، من حيث تعريف المستودع العام وبيان الشروط اللازمة لأنشائه ، والفصل الاول ، فسنخصصه لدراسة مفهوم مستندات الايداع في المستودعات العامة ، وسوف نقسمه على مبحثين ، في المبحث الاول ، سنبين ماهية مستندات الإيداع ، عبر تقسيمه على مطلبين ، المطلب الاول يخصص لشهادة الايداع ، من خلال بيان تعريفها وتمييزها مما يشتبه بها من أوضاع ، والمطلب الثاني ، لوثيقة الرهن ، من خلال بيان تعريفها وتمييزها عن مما يشتبه بها من أوضاع ، والمبحث الثاني ، فسنتناول فيه الشكلية في مستندات الايداع ، وسنقسمه على مطلبين ، الاول لدراسة انشاء المستندات في المستودعات العامة ، والمطلب الثاني ، تناولنا فيه اصدار مستندات الايداع في التشريع الفرنسي والمصري والعراقي .
أما الفصل الثاني ، سنتناول فيه إلى وظيفة مستندات الإيداع في المستودعات العامة ، من خلال تقسيمه إلى مبحثين ، الاول ، يتعلق دور المستندات في مرحلة الانعقاد ، عبر توزيعه على مطلبين ، الاول لدراسة القيمة القانونية للمستندات ، والثاني ، فيرتبط بقيمة المستندات في حالة الشكلية الاتفاقية ، و المبحث الثاني، يتعلق دور المستندات في مرحلة التنفيذ ، وسيخصص المطلب الاول منه لقيمة شهادة الإيداع ، والمطلب الثاني ، فقد خصص لقيمة وثيقة الرهن في مرحلة التنفيذ.
أما الفصل الثالث ، فسوف نتناول فيه تداول ووفاء المستندات ، عبر تقسيمه على مبحثين ، الاول ، لتداول المستندات في المستودعات العامة ، وسنعالجه بمطلبين ، المطلب الاول يخصص لتظهير المستندين معًا ، والمطلب الثاني ، يخصص لتظهير المستندين منفصلين ، والمبحث الثاني ، فنبحث فيه وفاء مستندات الايداع ، وسيقسم على مطلبين ، الاول ، يخصص للوفاء بمستندات الايداع في حالتين الهلاك والضياع ، والمطلب الثاني ، فيخصص للوفاء بوثيقة الرهن والرجوع.
.