مَلاك عَبْدُ اللّطيف عَبْدُ الحُسَيْن التميمي |
النظام القانوني للاستخلاف في منافع الاعيان | الدكتوراه فِي القَانُونِ الخَاصِّ |
الخلاصة
إنَّ مصطلح الاستخلاف من المصطلحات ذات الدلالة الدينية التي يرجع اصلها الى القران الكريم و التي تعني إستخلاف الله لبني البشر, او خلافة الارض و استخدمت فيما بعد في دلالات غير الدلالة التي جاء بها النص القرآني او في دلالة هي جزء من الدلالة القرآنية , ويعني الاستخلاف عموما حلول شخص يسمى الخلف محل شخص اخر يسمى السلف في علاقة قانونية تظل عناصرها الموضوعية على ما كانت عليه قبل الانتقال ,فوجود من يعقب غيره في حقوقه و واجباته في منفعة العين , سواء انتقلت بالعقد بين الأحياء او بين المتوفي والحي .
فالإستخلاف بالمنفعة يكون بين طرفين يحل فيه الخلف محل السلف في استيفاء المنفعة التي ثبتت للسلف , و سواء في ذلك كان السلف مالكا للرقبة و المنفعة معا و ينقل حقه بالمنفعة فقط الى خلفه, او كان السلف مالكا للمنفعة وحدها و نقل لسلفه حقه فيها.
و ان نشوء الاستخلاف قد يكون مرده المعاوضات, و قد يكون من قبيل التبرعات , سواء نشأ بالعقد او بالارادة المنفردة , , سواء كانت من عقود المعاوضات او التبرعات و سواء كانت بين الاحياء او بين الميت و الحي .
فالاستخلاف يتحقق من عقود الاجارة و ما شابهها من العقود الواردة على المنفعة, خصوصا و ان الاجارة هي تمليك للمنفعة بعوض , شرط ان تكون تلك المنفعة معلومة , فالاجارة من مصادر نشوء الاستخلاف العقدية و التي تقوم بين الاحياء و هي من قبيل عقود المعاوضات التي يكون فيها البدل متحصل بين السلف و الخلف.
على عكس عقد الإعارة الذي يكون من مصادر الاستخلافات العقدية التي تقوم بين الاحياء الا انها من قبيل عقود التبرعات على الاعم الاغلب , فلا يكون البدل متحصلا بين السلف و الخلف, الا ان السلف ينقل مركزه الى الخلف و يكون بموجبه من حق الخلف ان يستوفي المنافع التي لسلفه من المنفعة المستخلف فيها.
و كما يمكن ان يكون مصدر الاستخلاف هو العقد , فان الإرادة المنفردة – كما بينا- يمكن ان تكون هي الأخرى مصدرا للاستخلاف و لا فرق في ذلك بين ان تكون تلك الإرادة قد نقلت الخلافة من السلف الى ذمة الخلف تبرعا ا و معاوضة , و ما انتقلت فيه الحقوق بين ذمتين لحيين او لمتوفٍ وحي.
فالوصية بالمنفعة هي من الارادات التي يكون مقتاضاها التمليك فيما بعد الوفاة بدون عوض , فالوصية من قبيل التبرعات , و الوصية بالمنافع من قبيل مصادر الاستخلافات بين الاحياء و الأموات التبرعية , الا ان ذلك لا ينفي امكان ان يكون هنالك عوض بين الطرفين عملا بمبدأ سلطان الإرادة .
أما المصدر الرابع للاستخلاف للمنفعة فيمكن ان ينحصر بالوقف الذي يعني انتقال الرقبة الى ملك الله تعالى و جعل المنفعة مخصصة لعمل من اعمال البر, فبمجرد قيام الوقف تنفصل الرقبة عن المنفعة و تصبح الرقبة خالصة لله تعالى , اما المنفعة فان من تنتقل اليه يكون خلفا في منفعة الموقوف عليه , وعليه فان موضوع بحثنا ومداره يبحث في فكرة الاستخلاف في المنافع كمحاولة لوضع نظرية شاملة لخلافة شخص لشخص اخر في المنافع التي يملكها.