موقف النخبة المثقفة في كربلاءمن التطورات السياسية في العراق ( 1945 – 1963 )

إلهام جودة عبد الرضا المعملجي   موقف النخبة المثقفة في كربلاءمن التطورات السياسية في العراق      ( 1945 – 1963 )     الماجستير في  التاريخ الحديث والمعاصر

المستخلص

مثلٌت كربلاء حاضرة تأريخية شغلت تفكير وأذهان كثير من الباحثين والكتاب والرحالة نظراً للمكانة المرموقة والسيرة المعطرة بجسد سيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام) والتراب الطاهر المتبرك بدماء الإباء والحرية مما جعلها  ترتقي بالدراسات العديدة ومحط أنظار العالم وقبله الاحرار ومستقر كثير من الزائرين والمثقفين ، كما شكل موقعها وأجواؤها الملائمة للاستقرار والسكن من قبل كثير من الاسر والعشائر وجعلتها مستقراَ مباركاً لهم وبالطبع أن هذا الاستقرار توجب الدفاع والذود عن مراقدها المقدسة وحفظها من كل معتد أثيم وفاء وَدْيناَ لمدينتهم عن طريق ما أنجبته من أسرها من علماء ومؤرخين ورجال دين حملوا رايه الفكر والثقافة والإسلام والذين ولدوا من رحم المدينة وتحت قبابها الذهبية ومجالسها الأدبية والتي ما برحت أن كونت النواة الحقيقية للطبقة المثقفة الكربلائية الواعية .

شكلت جملة التطورات السياسية التي عاصرها ارباب النخبة المثقفة والذين ابدوا ردود افعال اختلفت في حجمها وطريقة تعبيرها دافعاً أساسياً لاختيار موضوع الدراسة ، حيث كان للنخبة الكربلائية المثقفة من دور سواء كان مؤيد ام معارضا للأحداث المختلف التي مر بها العراق في السنوات(1945-1963) وما عانته مدينه كربلاء المقدسة من اضطرابات سياسيه لم يسلط الضوء عليها في الدراسات السابقة .

        كما تنوه الباحثة إلى أنّ اختيار سنوات الدراسة لم يكن عبثاً بل جاء متناغماً مع ما شهدته البلاد من تطورات سياسية التي اعقبت الحرب العالمية الثانية تمثلت بزيادة حجم التغلغل البريطاني في العراق وتعاقب الحكومات المتوالية عليةِ والموالية لبريطانية من حيث التوجه وردود الفعل وصولاً إلى عام 1963 والذي يعدُ خاتمةً العهد الجمهوري الاول الذي وسم طابعة السياسي على الحياة العامة في العراق ليأتي بعدة انقلاب 1963، الذي يفتح الباب لدراسات اكاديمية أخرى .

قسمت الدراسة على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة بينت فيها الباحثة ابرز ما توصلت اليهِ من استنتاجات واذا أحتوى الفصل الأول “الأطر الفكرية العامة لمدينة كربلاء المقدسة وأثرها في تبلور النخبة الكربلائية المثقفة أواخر العهد العثماني حتى عام 1945م” الذي قسم الى أربع مباحث تضمن موقع كربلاء المقدسة والنشأة وأشهر الأسر والبيوت التي سكنت المدينة والتي أصبحت لها دورا مهماً فيما بعد في تكوين هذه النخبة المثقفة كما تناولت أهم المجالس الأدبية وأبرز الأشخاص الواعين المثقفين الذين يرتادون هذه المجالس  ونتاجها الواضح على نمو الوعي الثقافي والسياسي لأبنائها كما أختص المبحث الثاني الأوضاع الاجتماعية أواخر الحكم العثماني الأخير والاحتلال البريطاني 1914 وظروف وانعكاسات الحرب العالمية الأولى على كربلاء المقدسة وما رافقتها من ظروف وأحداث مستمرة من أوضاع اجتماعيه متردية من النواحي الصحية والخدمات العامة ، كما وتطرق المبحث الثالث إلى الأوضاع الاقتصادية للمدينة وأهم الحرف والصناعات التي كانت تشتهر بها وبحكم طابعها الديني واجتذابها أعداد كبيره من الزائرين أو للدراسة وهذا بحد ذاته مثل تأثيرا سلبيا وإيجابيا على واقع المدينة .

تضمن الفصل الثاني على مواقف الفئة المثقفة من التطورات التي شهدها العراق خلال سنوات الأخيرة من الحكم الملكي وحتى قيام ثورة 14 تموز 1958 وما رافقتها من أحداث سياسية مضطربة وتأثيرها على الشارع الكربلائي تضمنت أحداث معاهدة بورتسموث 1948 وانتفاضة 1952 وسياسة نوري السعيد والموقف المستنكر للسياسة المهادنة لبريطانيا مما ينم عن وعي وطني وأدراك للمسؤولية السياسية ومحاولة أتخاذ مواقف حاسمة لتلك الأساليب كما وتناول المبحث الثالث  من أحداث على  الساحة العربية التي تجسدت في انتفاضة 1956 وتأميم قناة السويس في مصر بينما تناول المبحث الرابع موقف الفئة الكربلائية من قيام الجمهورية الأولى 1958 في العراق .

بين الفصل الثالث مواقف المثقفين الكربلائيين على أثر تداعيات ثورة 14 تموز 1985 وما رافقتها من أحداث ساخنه أثرت على مجرى الثورة والتي عالجت فيها النخبة المثقفة الأوضاع السلبية التي شهدتها مدينتهم ، كما عالج المبحث الثاني موقف المثقفين الكربلائيين من الثورة الجزائرية وأحداث ومقدمات الثورة والعوامل التي ساعدت على قيامها لما لها من صدى واسع على الساحة العربية والدولية وتعبيرا عن نمو الوعي القومي والوطني لأبناء مدينه كربلاء المقدسة ومؤازره أشقائهم الجزائريين في محنتهم من خلال أبداء استنكارهم باعتبار القلم والثقافة هما السلاح الأهم لمواجهة العدو والتعبير عن الرأي للوصول الى هدفهم وهو الاستقلال عام 1962، وتطرق المبحث الثالث إلى دعوه النخبويين الكربلائيين إلى الوحدة الوطنية والعربية بين أبناء الوطن الواحد والتي قامت على أثر المخاطر التي واجهت واقع الامه العربية من تجزئه وانقسام محاولين تسليط الضوء على الواقع المؤلم للوطن العربي وإيجاد مواقف قومية والحد من السياسات الحكومية السلبية لتلك التجزئة.

أعتمد الباحث على مصادر عده كانت أهمها الوثائق الغير منشوره المودعة في دار الكتب  والمطبوعات الحكومية التي كانت لها سرد واضح للأحداث ، كما نهلت الرسالة من الكتب العربية والمعربة والتي عاصرت أحداث سنوات الدراسة كانت أهمها كتاب تاريخ الوزارات العراقية بأجزائها العشرة للمؤلف عبد الرزاق الحسني والذي غطى بمعلومات مهمه حول الاحداث السياسية التي شهدها العراق وأسهم كتاب صفحات من تاريخ العراق المعاصر للمؤلف كمال مظهر أحمد جانباً مهما لما فيه من أحداث سياسيه واجتماعيه أثرت وبشكل مباشر على مجرى الأحداث ونهلت الدراسة من كتاب عبد الفتاح علي البوتاني في كتابه (التطورات السياسية الداخلية في العراق من 14 تموز 1958- 8شباط 1963) وكتابه أرشيف جمهوريه العراق الأولى (الحركة الشيوعية في تقارير مديريه الامن العامة ) ، وشكل كتاب حنا بطاطو في أقسامه الثلاثة جانباً مهماً من الدراسة لما تضمنه من معلومات قيمه أفادت الدراسة.

كما كان للكتب العربية ذات العلاقة دور كبير في إغناء الدراسة بمعلومات ذات قيمة عالية كان منها كتاب دور الشيعة في تطور العراق السياسي  للمؤلف عبد الله النفيسي ،وكتاب أسحاق نقاش بعنوان (شيعة العراق).