محمد صبري عبد الأمير الأسدي |
التبعية في الدعوى المدنية | الدكتوراه في فلسفة القانون الخاص |
ملخص
إن القضاء يحكم بكل دعوى بشكل مستقل عن غيرها من الدعاوى دون تأثير الواحدة على الأخرى إلا في مواضيع معينة مستثناة لأمور معينة أمثال وحدة الأحكام واختصار الجهد والوقت على القضاء والخصوم، وإن المدعي عندما يقيم دعواه فإنه يقيد بما ذكر في عريضة الدعوى، وهذا ما عبر عنه الفقه بان المدعي حبيس دعواه، ولهذا أجاز القانون لمسوغات التبعية للمدعي أو المدعى عليه أو الغير بعض الاستثناءات، وان أساس ذلك هو الصلة الوثيقة أي التبعية بين الطلبات التي عرضوها. تلعب التبعية دوراً منذ التقدم برفع الدعوى، وحتى صدور الحكم وترتيب آثاره، وهذا معناه اقتصاد في النفقات والجهد والوقت على القضاء والخصوم.
ان دور التبعية لا يقتصر بالنسبة للعلاقة بين دعويين وانما قد يحصل بين إجراء وآخر تبعية، وهذه التبعية بين الإجراءات لا تقتصر على مرحلة رفع الدعوى فقط بل قد تستمر عند نظر الدعوى والفصل وإصدار الحكم والطعن بهذا الحكم ولذا فهي فكرة تعبر عن نشأة أو ترتب أو تفرع دعوى أو إجراء عن دعوى أصلية منعاً لصدور أحكام قد يصعب أو يستحيل تنفيذها والمحافظة على الحقوق ووحدة الخصومة والاقتصاد في الجهد والوقت. إن التبعية فكرة مترابطة ومتسقة لها خصائصها ومميزاتها التي تختلف عن غيرها من الأفكار، وللتبعية أوصاف متعددة فقد تكون تبعية سقوط أو تبعية بطلان أو تبعية صحة إجراء او تبعية اختصاص. وأما طبيعة التبعية فهي ظاهرة قانونية إجرائية مباشرة، وأما خصائصها فهي ظاهرة مرنة ومتعددة المصادر والغايات وهي ظاهرة محددة زمانياً ومكانياً.
ان للتبعية آثاراً على الخصوم الأصليين، وتكون هذه الآثار بتحديد طلبات الخصوم لما رفع عنهم من طلبات في الدعوى، إلا أن القانون أجاز للخصوم أن يضيفوا إلى الطلبات الأصلية بعض الاستثناءات، وأن للتبعية آثار على الغير من خلال تدخل الغير او إدخاله، وأن للتبعية آثاراً على الخصومة ذاتها من خلال مبدأ الأثر الناقل للاستئناف واستئناف الحكم المنهي للخصومة يستتبع حتماً استئناف جميع الاحكام التي سبق صدورها في القضية، وأن استئناف الحكم في الطلب الاحتياطي وحده يستتبع حتماً بالتبعية، وبقوة القانون، استئناف الحكم الصادر في الطلب الأصلي ومن آثارها تبعية الأحكام المتناقضة وبطلان الاحكام بطريق التبعية.