معروف غني حسين الحمامي |
شرط الكفاءة في رئيس الدولة”دراسة مقارنة “ | الدكتوراه في القانون العام
|
الخلاصة
يُعد منصب رئيس الدولة في أي نظام سياسي من المناصب المهمة؛ لما يمثله من ثقل، ولما يترتب عليها من أحكام، فهو الكيان الذي له أعلى سلطة تنفيذية في قيادة الدولة وإدارتها، ولكون منصب رئيس الدولة في كل نظام وشعب من الأهمية؛ فقد حظي هذا المنصب بشروط، وهذه الشروط تختلف من نظام إلى آخر، ومن تلك الشروط هو شرط الكفاءة، ومع إن الكثير من الدول لم يذكر شرط الكفاءة صراحة في دساتيرها، إلآ انه يمكن استنتاجه ضمنيا عن طريق تلك الشروط التي تذكرها تلك الدساتير، أو قوانينها المتعلقة بشروط التولي.
وتعد الكفاءة من المواضيع التي أولت اهتمام المختصين، كونها تمثل الركن الاساسس التي تعتمد عليه المؤسسات في تسيير الموارد البشرية، وباعتبارها موهبة أي إنها جزءٌ منهم من القدرة على إنجاز الأعمال؛ عند مستويات محددهّ، وقد تكون الكفاءة بدنيّة أو عقلية، فهي إذن كم من القدرات والمعارف التي يسمح بتطبيقها، عندما تكون هناك مهمة محددة يراد انجازها، أو حل لإشكالية مستجدة.
عُرّفتْ الكفاءة في اللغة بعدة تعاريف وجميع تلك التعاريف هي لا تتعدى إن يكون معناها النظير أو المساواة والمماثلة والقدرة على عمل شيء، وحسن التصرف فيه، والمعنيان الأخيران، أي القدرة وحسن التصرف وحسب اعتقادنا، هما المفهوم الأبرز والأكثر وضوحا لمعنى الكفاءة.
اما في الاصطلاح فقد عرفها الكثير من الفقه بانها القدرة على القيام بالمهام والأدوار المتعلقة بوظيفة عمل تشتمل على مجموعة من المهارات المعرفية، والمهارات النفسية والحسية والحركية ومزيج من المعارف النظريّة، والعمليّة والخبرة المتأتية من الممارسة المهنية، في الإطار الذي يسمح بملاحظتها، والاعتراف بها، وبالإمكان تقيمها وتطويرها، وهي تختلف عن بعض المصطلحات المشابهة لها في اللفظ والمعنى كالكفاية والاستحقاق.
بنيت الكفاءة من أسس معينة كالأساس الدستوري والعرفي والاساس الديني، وللكفاءة معيارين بالامكان الاستدلال عنهما من تعريف الكفاءة وهما الاهلية بعناصرها كافة (حق التصرف، والصلاحية، والبلوغ، والتحصيل الدراسي) واللياقة مع صفاتها كافة (الثبات في الأمر، والشجاعة، والقوة والصحة والكرم)، وكذلك لها أي الكفاءة مقومات ومن ذلك تقويم الأداء والفاعلية، فضلا عن الصفات الحسنة، التي من الواجب على الشخص الكفوء أن يتحلى بها؛ وهي الصدق والأمانة والنزاهة.
تشترط جميع الدول في دساتيرها او قوانين الانتخاب فيها على جملة من الشروط لمن يروم الترشح لرئاسة الدولة فيها وتتفق الكثير من تلك الدول على شرط الجنسية والعمر والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية، وهي شروط عامة لان اغلب دساتير الدول الملكية والجمهورية تضمنتها، وتختلف بعضها في الاخر مثل شرط الشهادة الدراسية، والولاء الديني، وشرط الذكورة وهي شروط خاصة كونها لا تتضمنها جميع الدساتير.
هناك اعتبارات فلسفية من شانها ان تكون لها علاقة وثيقة بشروط الترشح لرئاسة الدولة يراعي بها المشرع الدستوري الفلسفة السائدة في مجتمع الدولة عند تضمينه تلك الشروط في الوثيقة الدستورية، وعلى هذا الاساس أصبح الاختلاف واضحا بين الدول الملكية والجمهورية وبين دول هذه الأخيرة فيما يتعلق بتلك الشروط، وهنالك شبه إجماع في الدول العربية، وبعض الدول الأجنبية على عدم تولي المرأة رئاسة الدولة فيها، لاعتبارات دينية وعرفية، بالرغم من إن الكثير من دساتير تلك الدول تجيز للمرأة هذا الحق.
تباينت الدول في ذكر شرط عدم ارتكاب المرشح لرئاسة الدولة جريمة من الجرائم المخلة بالشرف صراحة أو ضمنا أو لم تذكر ذلك أصلا أو أن يذكر بصيغ أخرى يدل على هذا المعنى.
تبسط الرقابة على أعمال رئيس الدولة من قبل جهة ذات طبيعة سياسية، وتدعى بالرقابة السياسية، وتسمى أيضا بالرقابة الشعبية، وهي على نوعين رقابة شعبية مباشرة ورقابة شعبية غير مباشرة، وتقسم هذه الاخيرة إلى الرقابة البرلمانية، ورقابة الرأي العام، وهذه الأخيرة بدورها تتمثل برقابة الأحزاب السياسية، وجماعة الضغط، وتبسط الرقابة السياسية أيضا على شرط كفاءة رئيس الدولة بصورتها غير المباشرة المتمثلة بالمجالس التشريعية وبالهيئات المستقلة في الانظمة الجمهورية والملكية، والرقابة التي يتولاها القضاء، تتمثل في هيئات لها اختصاصات قضائية كالمجالس الدستورية، وهذه الأخيرة هي رقابة وقائية تسبق صدور أي عمل تشريعي للتأكد من مطابقته للدستور، وغاية المشرع في تعدد الرقابة وتنوعها على رئيس الدولة هي المحافظة على حسن ادائه في إدارة الدولة ومن ثم الرقابة على شرط كفاءته التي انتخب على أساسها.