الانزياح التركيبي في كتاب (عقود الزبرجد في إعراب الحديث النبوي) للسيوطي (ت911هـ)

سعد حسين علوان       الانزياح التركيبي في كتاب (عقود الزبرجد في إعراب    الحديث النبوي) للسيوطي (ت911هـ)   الماجستير في اللغة العربية /لغة

الخلاصة    

 فيُعدّ الحديث النبوي الشريف ميداناً رحباً لفروع المعرفة وعلومها , ولا سيّما ما يتعلق بالفصاحة والبلاغة منها , فهو المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله تبارك وتعالى, فكلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم منبع الفصاحة وموردها , ومنشأ البلاغة ومولدها , وعنه صلى الله عليه وآله أُخذت قوانينها وظهر مكنونها , وعلى أمثلته حذا كلّ قائل خطيب , وبكلامه استعان كلّ واعظ بليغ , وكيف لا يكون كذلك وقد وصفه الربّ العظيم في كتابه الكريم .فكلامه صلى الله عليه وآله عليه مسحة من العلم الإلهي .فهو خليقٌ بأن يكون مادةً علمية في شتّى علوم اللغة العربية ومعارفها

     وكان في الخاطر رغبة جامحة لدراسة حديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم  , واستخراج لؤلؤه ومرجانه , وقد أشار عليّ أستاذي الفاضل الدكتور (خالد عباس السيّاب) بدراسة ظاهرة الانزياح التركيبي في كتاب (عقود الزبرجد  في إعراب الحديث النبوي) للسيوطي (ت 911 هـ) , وهو من كتب إعراب الحديث النبوي الشريف ,بعد كتاب العكبري (ت616 هـ) المسمى (إعراب الحديث النبوي) , وكتاب ابن مالك (ت 672 هـ) المسمى (شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح) , وقد استوعب السيوطي في كتابه هذين الكتابين استيعاباً كاملاً وزاد عليهما زيادات كثيرة .وعند اطلاعي على هذا الكتاب زادت الرغبة عندي في دراسته , ومما دفعني لقبول هذا الموضوع (الانزياح التركيبي في كتاب عقود الزبرجد في إعراب الحديث النبوي) ,أنّي لم أعثر على من درسه ـ على حد علمي – في هذا الكتاب الذي يحوي على أحاديث خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله وسلم .

   وقام هذا البحث على تقصي الاحاديث النبوية الشريفة التي حصل فيها انزياح على المستوى التركيبي (التفات – تقديم وتأخير – حذف) , سواء أذكر السيوطي موضع الانزياح في هذه الأحاديث , أم ذكره علماء آخرون , وأقوم أحياناً كثيرة باستخراج موضع الانزياح التركيبي من بعض الأحاديث الواردة في الكتاب التي لم يُشر السيوطي إلى موضع الانزياح فيها  . تقوم الدراسة على رصد موضع الانزياح في الاحاديث النبوية الشريف , والإشارة إلى الأغراض البلاغية منه .    

    وأحياناً تتكرر دراسة الحديث الشريف في أكثر من موضع وذلك لتعدد أساليب الانزياح التركيبي فيه , أنَّ الشواهد المعالجة في مباحث الرسالة لم تكن متساوية , فنجد في بعض المسائل كان الاستشهاد بمثال واحد , وأُخرى بمثالين, وأخرى أكثر من ذلك , ورجعت في توثيق الأحاديث إلى كتاب عقود الزبرجد الذي أخذت منه الحديث , وإلى مسند أحمد بن حنبل الذي نقل عنه السيوطي أحاديثه , وفي أحيان أخرى أرجع إلى كتب الحديث الأخرى نحو صحيح البخاري, وصحيح مسلم, وسنن النسائي, والترمذي, وغيرها من كتب الحديث .

     اشتمل البحث على مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول تليها خاتمة , أمّا المقدّمة فذكرت فيها مسوغات اختيار عنوان البحث وخطته , وأمّا التمهيد فتناولت فيه مفهوم الانزياح في اللغة والاصطلاح , وأنواعه , وتعدد مصطلحاته , ومعاييره , كما ذكرت فيه منهج السيوطي في كتابه عقود الزبرجد .

    خصصت الفصل الأول لأسلوب الالتفات , وجعلته على ثلاثة مباحث ,تسبقها توطئة تناولت فيها الالتفات في اللغة والاصطلاح , وبواعث الالتفات وفوائده , أما

المبحث الأول فجعلته للانزياح في الضمائر وتضمن أربعة مطالب : الأول الانزياح من صيغة الغيبة إلى التكلم ,والثاني الانزياح عن صيغة الغيبة إلى الخطاب ,والثالث  الانزياح عن صيغة التكلم إلى الغيبة , والرابع  الانزياح من صيغة الخطاب إلى صيغة الغيبة .

    والمبحث الثاني جعلته للالتفات في العدد , وتضمن  ستة مطالب ,الأول: تناولت فيه الانزياح عن صيغة المفرد  إلى صيغة المثنى , والثاني: جعلته للانزياح عن صيغة المفرد إلى الجمع , والثالث: الانزياح عن صيغة التثنية إلى صيغة المفرد , والرابع : الانزياح عن صيغة التثنية إلى صيغة الجمع , والخامس : الانزياح عن صيغة الجمع إلى صيغة المفرد , والمطلب الخامس جعلته للانزياح عن صيغة الجمع إلى صيغة التثنية .

   وتناولت في المبحث الثالث الالتفات في الجنس(التذكير والتأنيث) وفيه مطلبان : الأول: الانزياح عن المذكر إلى المؤنث ,والثاني: الانزياح عن المؤنث إلى المذكر .

       أمّا الفصل الثاني فجاء بعنوان (التقديم والتأخير) وجعلته على مبحثين تسبقهما توطئة , الأول منهما جاء بعنوان (مخالفة الترتيب المكاني في الجملة الاسمية) , وتناولت فيه : تقديم الخبر على المبتدأ , وتقديم خبر إنّ على اسمها , وتقديم خبر كان على اسمها .

    وجاء المبحث الثاني بعنوان(مخالفة الترتيب المكاني في الجملة الفعلية) وتناولت فيه التقديم والتأخير بين الفعل ومعمولاته , والتقديم والتأخير بين الفعل ومتعلقاته ومعمولاته .  

أمّا الفصل الثالث فجاء بعنوان (أسلوب الحذف) , وجعلته على مبحثين تسبقهما توطئة تناولت فيها الحذف لغة واصطلاحاً , وأسبابه , وأنواعه , أمّا المبحث الأول فتناولت فيه الحذف في العناصر الاسنادية , ويتضمن  مطلبين : الأول : الحذف في                                            

الجملة الاسمية , وفيه حذف المبتدأ , وحذف الخبر , أمّا المطلب الثاني : الحذف في الجملة الفعلية , وفيه حذف الفعل , وحذف الفعل والفاعل معاً .

       وتضمن المبحث الثاني (الحذف في العناصر غير الاسنادية) , وتناولت فيه : حذف المفعول به , وحذف الحال , وحذف المضاف , وحذف المضاف إليه , وحذف الموصوف , وحذف الصفة , وحذف البدل , وحذف الحرف .

      والحقت هذه الفصول بخاتمة بيّنت فيها أهم نتائج البحث , وقائمة بالمصادر والمراجع .

     وقد اعتمد هذه الدراسة على مصادر متنوعة منها: الكتب النحوية, ككتاب سيبويه (ت180هـ), وشرح المفصل لابن يعيش(ت643هـ) , ومغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام الأنصاري(ت761هـ), كما اعتمت على بعض الكتب البلاغية , لأن الموضوع له علاقة بالبلاغة ومنها : المثل السائر لابن الأثير(ت637هـ), والطراز المتضمن لأسرار البلاغة ليحيى بن حمزة العلوي(745هـ) , ودلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني(471هـ), واستعنت بكتب التفسير كالكشاف للزمخشري(ت538هـ), والبحر المحيط لأبي حيان الأندلسي(ت745هـ), وغيرها من كتب التفسير الأخرى , وأفادت الدراسة كذلك من كتب علوم القرآن , كالبرهان في علوم القرآن للزركشي (ت794هـ), والإتقان في علوم القرآن للسيوطي(ت911هـ), وكتب معاني القرآن, وكتب الحديث وشروحه, كما أفاد البحث من بعض المراجع النحوية والبلاغية واللسانية الحديثة, منها, النحو الوافي لعباس حسن ,ومعاني النحو لفاضل السامرائي, والأسلوب والأسلوبية لعبد السلام المسدي ,والبلاغة والأسلوبية لمحمد عبد المطلب .

      كما أفدت ايضاً من بعض الرسائل الجامعية منها : أسلوبية الانزياح ودورها في التحليل النصّي, لجميلة مداور, ونهلة فتاح, جامعة الجيلاني, الجزائر ,2015 – 2016م, وشعرية الانزياح بين عبد القاهر الجرجاني وجان كوهين ,للباحثة سعاد بلحواش, جامعة الحاج لخضر باتنة, الجزائر, 2011- 2012م .وأفدت أيضاً من بعض البحوث المنشورة في الدوريات منها : وظيفة الانزياح في منظور 

 الدراسات الأسلوبية , للباحث أحمد محمد ويس, مجلة علامات, ج21 ,م6, 1996م, والانزياح اللغوي بين التراث والمعاصرة, للباحث محسن طاهر إسكندر, مجلة أبحاث البصرة للعلوم الإنسانية , مجلد43 ,عدد2 ,2018م .  

    أمّا المنهج الذي اعتمده البحث فكان منهجاً وصفياً تحليلياً , استجابة لطبيعة المادة التي فرضت هذا المنهج في التناول.

 .