الحدود والتعزيرات عند الإمامية دراسة فقهية معاصرة

علي صادق جعفر الكرعاوي الشريعة والعلوم الاسلامية

الخلاصة
إنَّ للمجتمع الحق في صيانة كيانه من كل اعتداء أو مساس، للحصول على حياة آمنة مستقرة تتسم بالطهر والعفاف، وجميع الجرائم التي حرمها الإسلام إنما هي من النوع الذي لو ترك وشأنه لأدى لاضطراب المجتمع وإشاعة الفوضى والدمار فيه، فلا بد من رادع يردع من يخرج على هذا القانون الإلهي الذي شرعه المولى عز وجل, وقد استقرت سیرة العقلاء ايضا في جميع الأزمنة والأمكنة على وضع المقررات في الأمور الجزائية لتحديد الجرائم و تعيين كيفية المجازات وإصلاح المجرمين. فالحدود زواجر وضعها الله تعالى للردع عن ارتكاب ما حظر وترك ما أمر به؛ فجعل الله تعالى من زواجر الحدود ما يردع به عن الميل إلى الجناية حذرا من ألم العقوبة وخوفا من نكال الفضيحة؛ ليكون ما حظر من محارمه ممنوعا وما أمر به من فروضه متبوعا, فالهدف من تشريع الإسلام للحدود والتعزيرات ليس الانتقام والتعدي على الجاني وانما شرعت لحماية المجتمع , لذلك تعد من موانع الجريمة قبل وقوعها, ومن الزواجر عن تكرارها بعد وقوعها, أي لها دور علاجي ودور وقائي في وقت واحد، وان هذه العقوبات عادلة غاية العدل و محققة للمصالح العامة، وحافظة للأمن العام، و لا بد ان نقتنع ونعتقد أننا لو سرنا بمنهج الله عزَّ وجلَّ سوف نحيا حياة كريمة, ويعيش الناس مطمئنّين على أموالهم وأنفسهم وأعراضهم. إذ لو لا العقوبات وخوف المجرمين منها، لما بقيت للنفوس والأعراض والأموال حرمة ولأختلَّ النظام و شاعت الفوضى والهرج والمرج.