علي كاظم بجاي | لغة القرآن وآدابها |
الخلاصة
لم يختلف أحدٌ من النحويين القدماء والمحدثين في أنّ القرآن الكريم أصل من أصول الاستشهاد في اللغة والنحو , غير أنّ البصريين استبعدوا من منهجهم الاحتجاج بالقراءات القرآنية إلّا إذا كان هنالك شعر يسندها , أو كلام نثري يؤيدها, أو قياس يدعمها .
وقد تساءل اللغويون المحدثون عمّا إذا كان القرآن الكريم هو المصدر الأول من مصادر النحو السماعية أم إنّه المصدر الذي يأتي بالمرتبة التالية لكلام العرب , واختلفوا في ذلك على فريقين , فريق من الباحثين ذهب إلى أنّ القرآن الكريم يعدّ المصدر الأول من مصادر السّماع في وضع قواعد النحو العربي, وفريق آخر من الدارسين المحدثين ذهب إلى أنّ القرآن الكريم لم يكن المصدر الأول الذي اعتمد عليه النحويون في وضع قواعد اللغة العربية, ويرى أنّ النحويين بنوا قواعدهم على كلام العرب ثم عرضوها على القرآن الكريم, أو أنّهم اعتمدوا على كلام العرب أكثر من اعتمادهم على القرآن الكريم.
ثمّ إنّ النحويين طبقوا على هذين المصدرين اللذين نُظِرَ إليهما بعين واحدة نظريتهم المشهورة وهي الاعتماد على المطّرد الكثير الغالب من الكلام؛ إذ أقاموا قواعدهم على الأفشى والأشّيع ممّا جاء في القرآن الكريم وكلام العرب .
يتضح ممّا تقدم أنّ النحو في لغة القرآن ينقسم على قسمين: قسم ارتضاه النحويون ووافقوا عليه كما وافقوا على نظائره من كلام العرب, وهذا القسم لا يدخل في باب النحو القرآني, وإنّما يدخل في باب النحو المألوف , وقسم لم يرتضوه فوقفوا منه مواقف عدّة؛ إذ وصفوه بالقلّة والندرة أو الشذوذ أو الضعف أو لجأوا إلى تأويله أو حملوه على الضرورة, أو سكتوا عنه ولم يذكروه, وهذا القسم هو الذي يصح أن نسميه بالنحو القرآني .