أزهار جعفر حسين الطرفي | الشريعة والعلوم الاسلامية |
الخلاصة
تُعدّ الأسرة الخلية الإنسانية الاولى في بناء المجتمع ، فهي المدرسة الاولى التي يتعلم فيها الفرد الاخلاق ، ويكتسب القيم والمعتقدات التي تكون البذرة الاولى في بناء شخصيته، وتأثير ذلك في علاقته الأسرية والاجتماعية؛ لذلك نجد ان الإسلام اعطى الأسرة اهتماما بالغا ،ووضع الاسس والقواعد السليمة في بناء الأسرة قبل الزواج ،مبتدئا في حسن اختيار الزوج او الزوجة مؤكدا على اختيار صفة الدين على بقية الصفات لأثر ذلك في بناء الأسرة الصالحة السليمة من الانحرافات الخلقية والاضطرابات السلوكية ؛التي تهدد أمن الأسرة واستقرارها ، فضلا عن ذلك نجد ان نظام الأسرة في الإسلام مبني على اسس شرعية واحكام فقهية توازن بين الحقوق والواجبات حسب الاختلافات التكوينية والفروق الفردية بين أفراد الأسرة ،مراعيا فيها الدور المناسب الذي يقوم به كل فردا منهم، وبما ان الأسرة عبارة عن مؤسسة صغيرة تجمع أفرادا يعيشون تحت سقف واحد وتربطهم روابط مشتركة ،لكنها اكبر قوة مؤثرة في بناء الفرد والمجتمع فلا تتمكن أي مؤسسة تربوية او اجتماعية أن تقوم بدور الأسرة وتأدية وظائفها البايلوجية والنفسية والتربوية والاقتصادية وغيرها من الوظائف الحيوية، التي تقوم بها الأسرة ليتمتع الفرد في ظلها بالصحة النفسية التي يكون فيها الفرد متوافقا مع نفسه ومع الاخرين ليشعر بالسعادة وينثرها بطريق المحيطين به ، ويعد الزواج هو رباطا مشتركا بين شخصين يختلفان في الافكار والتربية والبيئة الاجتماعية ومستوى الثقافة الأسرية، فضلا عن الاختلاف في الميول والرغبات؛ لذا فمن الطبيعي ان تنشأ بينهما الخلافات الزوجية التي بين الفقه الإسلامي المعالجات الشرعية لها في بداية الامر من داخل الأسرة كالمعاشرة بالمعروف والنشوز وغيرها حفاظا على الاطار الأسري من التمزق، واحيانا تتفاقم لتكون مشاكل كبيرة تخرج عن ايجاد الحلول داخل الاطار الأسري فتتوتر الرابطة الزوجية بينهما أو ربما تصل الى الانهيار، وهنا أيضًا تكفل الفقه الإسلامي بمعالجتها وشرع تدخل من يكون مؤهلا علميا وفقهيا في ادارة المشكلة وايجاد الحلول المناسبة لها ؛ لذا ظهرت الحاجة الماسة للإرشاد الأسري كونه يعد مقوما للسلوكيات المضطربة والاخلاقيات غير سوية ليعيد الأسرة الى مسلك التوافق والاستقرار، كما نجد ان تطور الحياة ودخول التكنلوجيا الحديثة اضافت الى واقع الأسر مشاكل جديدة تختلف عما كانت سابقا مما نجد اليوم تزايد حالات التفكك الأسري والطلاق والعنف وجرائم القتل ، وهذا مما يبين غياب دور المؤسسات الإرشادية على واقع الحياة الاسرية ، ولا شك ان للفقه مرتبة عظيمة بين العلوم الإسلامية لكونه المطلب الاساس في تنظيم حياة الناس؛ اذ لا تستقيم دون الرجوع اليه في كل صغيرة وكبيرة ومما تجدر الاشارة اليه ان الإرشاد الأسري يخضع لجملة من الاحكام الفقهية التي تبين المعالجات الشرعية للمشاكل الأسرية، فضلا عن احكام المرشد الأسري والاخلاقيات التي يجب ان يتحلى بها ليقوم بهذه الخدمة الإنسانية التي تعد العمود الفقري الذي يستند عليه البناء الأسري السليم المتوازن نفسيا وتربويا واجتماعيا ؛ لذا نجد ان الفقهاء المعاصرين تكفلوا بوضع الحلول الشرعية للمشاكل الأسرية المعاصرة بالاستناد الى القران الكريم والسنة الشريفة والعقل السليم ،وهذا مما يبرز مرونة الفقه الإسلامي وشموله لكل الاحداث والوقائع في كل زمان ومكان لذا اقتضى البحث ان يكون بثلاث فصول الاول منها : تناول مفردات البحث لغة واصطلاحا الفقه والأسرة والإرشاد وبيان مفهوم الإرشاد الأسري واهدافه والحاجة اليه فضلا عن اساليبه ومناهجه والمعوقات التي تواجه العملية الإرشادية، بينما تضمن الفصل الثاني أدلة مشروعية الإرشاد الأسري في القران الكريم والسنة الشريفة والعقل، وختمت الرسالة في الفصل الثالث الذي تناول المرشد الأسري وأحكامه الفقهية والمؤهلات التي يتحلى بها في العملية الإرشادية وآثار الإرشاد الأسري، مع ذكر بعض المشاكل الأسرية المعاصرة وآراء الفقهاء المعاصرين في معالجتها ثم خاتمة النتائج والتوصيات.