جبر الخواطر في القرآن الكريم و السنة النبوية دراسة تحليلية

زمن حكمت حمزة التميمي الشريعة والعلوم الإسلامية

الخلاصة
لم يحظ مفهوم جبر الخواطر على اهتمامات المفكرين و المنظّرين ، فقد أُغْفِلَ ولم يتصدر العنوانات الفلسفية في تنظير الأفكار ، و إشاعتها في الآفاق الإنسانية قديمها و حديثها ، لكنه عُرفَ كنشاط إنساني يعزز ذات الإنسان ويسمو بوجوده الاجتماعي ، فقد أول أحبار اليهود النصوص الانسانية الواردة في التوراة ، و أقتصروها على منافعهم الشخصية ، إذ ورد بالكتاب المقدس عن أشعياء قال :” تعلموا فعل الخير اطلبوا الحق انصفوا المظلوم أقضوا لليتيم حاموا عن الأرملة ” ، إلا إنّ القرآن المجيد قد أشبع هذا المفهوم تنظيرا و تطبيقا ، و حدد سبحانه و تعالى مهمة أنبيائه في جبر خاطر البشرية ، فالدعوة الاسلامية والقرآن الكريم و الأنبياء مهمتهم الاولى جبر خاطر الناس ، والإرتقاء بهم نحو الإنسانية ، و انقاذهم من الظلم و الضلال بالهداية والرحمة ؛ قال تعالى : ( وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ ) فأحاطت به السنة النبوية شرحاً وفقهاً ، فقد تم الوقوف على الدراسات النفسية و الإجتماعية السابقة لهذا المفهوم وقفة تفاعل بغية تعميق هذه الممارسة الإنسانية ، و الشعيرة الدينية ، و الرأفة ، و التواصل الاجتماعي بكل أبعاده الشرعية و القانونية نحو إصلاح المحتاجين ، و تحسين أحوالهم المادية ، و البيئية ، و الاجتماعية ؛ من خلال فعل الخير و تطبيق الاحسان على المستويين المادي و المعنوي .
لقد عَنَتْ الدراسة بسبر أغوار هذا المفهوم الإنساني في الوضع اللغوي ، فأظهر البحث مدلولات كثيرة لمفهوم جبر الخواطر ، تخرج إلى سمو الجاه ، وورفع المنزلة ، و الشرف الرفيع ، و في الاستعمال الاصطلاحي تعرف على أسس تطبيقه في ضوء توجّه القرآن المجيد و تجسيدها على مستوى السنة النبوية ، و كذلك أخذَ البحثُ بنشاط الدولة القانوني و الفعلي ، كذلك تقرّب البحثُ من مفهوم الرحمة الإلهية وتمثيلها لجبر خواطر الحيوانات ، باعتبارها نعمة سخرّها الله تعالى لحياة الانسان و ترفه في العيش ، فذكر البحث أساليب الرأفة بالحيوان ، بوصف هذه الرأفة بنية التقرّب لله – عز وجل– و كسب ثوابه ، ومن الجدير بالذكر أن البحث أولى جانب الرأفة و الرعاية في النباتات و كل الكائنات الحية ، فسلط البحث الأضواء على هذا التوجه المجهول في جبر خواطر النباتات باعتبارها كائنات حية تتحسس الألم و تشكو المرض ، و تحيا و تموت ؛ و مما وقفت عليه الباحثة من مفاهيم ذات صلة بدائرة البحث ( التضليل في جبر الخواطر) و نعني به هو التوظيف السيء لمفهوم جبر الخاطر عند بعض الناس ممن لا يتقون الله ، فيكيفون النصوص المقدسة في القرآن و السنة النبوية الشريفة ، و تسخيرها لأغراضهم الضيقة ، و أهدافهم الشخصية ، فقد توصلت الباحثة بهذه الدراسة إلى أنّ جبر الخواطر له محددات زمانية و محددات مكانية تدخل جميعها في دائرة الأحكام الشرعية و الفقهية ؛ فبين ثنايا البحث وردت كلمات انفرد بها هذا البحث ، إذ يطيب لي أن أقدم للقارئ الكريم ما المقصود بمدلولاتها و معانيها منها :
1 – جبر الخواطر : اصلاح النفوس بالمعروف ماديا و معنويا ، وتطيب القلوب بالكلمة الطيبة و إدخال البهجة عليها و السرور ، و أعمارها بالحياة والمؤازرة المالية ، والروحية ، و النفسية .
2 – الرفادة : تقديم الخدمة الاجتماعية ، و الدعم الإنساني لكل محتاج .
3 – الغدق : الخير الغزير ، والعطاء الكثير ، قال تعالى : ( أَلَّوِ ٱسۡتَقَٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسۡقَيۡنَٰهُم مَّآءً غَدَقٗا ) .
4 – التضليل : خداع الناس بالطيبة و الإحسان لمصلحة مجهولة .
5- التراحم : التعاطف و التراحم بعضهما لآلام و معاناة البعض ، فيرحم الناس بعضهما البعض .