علي جواد كاظم الجبوري | لغة القرآن وآدابها |
الخلاصة
يقعُ هذا البحث ضمنَ حقلِ النقدِ الثقافي، القائم على قراءة المُضمر في الخطاب، وهجرة المنهج الكلاسيكي في نقد النص، فالنقد الثقافي يعمل على تحويل القارئ الناقد من مجرّد صنيعة ثقافية تتحكّم فيها الأنساق المغلقة وتوجّه حركتها، إلى عنصرٍ فاعلٍ وفاحصٍ لكلّ نص وفق ضوابط منهجية صارمة.
ويسعى هذا البحث إلى كشف قضايا (المركز) و(الهامش) في الفكر الاستشراقي، وإبراز تجلّياتها في مؤلّفات المستشرق الأنجلوأميركي برنارد لويس، وتحليل ثقافته الاستشراقية للتعرّف على الجوانب الخفيّة وراءها، وإظهار الكامن منها، التي استهدفت الشرق عمومًا والإسلام خصوصًا، إذا ما لاحظنا أنّ المركز هو الثابت في ثقافةٍ ما بالمعنى النسبي لمفهوم ثابت، وهو ما يتشكّل من ترسيخ للعقائد والفلسفات والعادات والتقاليد، أمّا الهامش فهو ما يقع خارج محيط الدائرة الفكرية، فهو فكر وخطاب الأقليّة المعزولة خارج نطاق الثقافة المهيمنة، فهي دراسة ثقافية تحاول الإجابة عن أسئلة عديدة لعلّ من أهمها: كيف ينظر الغرب للإسلام؟
يمثّل هذا البحث خطوة نقدية تقوّم الخطاب الغربي المركزي، وتواجهه بشيء من الكشف الصادم للأنساق المضمرة وإخراجها للعلن، إذ يشتغل على عرض نسقي المركز والهامش من أجل تقويض زيف بعض الخطابات الغربية المركزية، والسرديات الكبرى التي تُسيطر على المتخيّل الغربي، والماكنة الإعلامية الاستعمارية الغربية، التي تصوّر المسلم (الآخر) بأنّه متخلّف، دموي، عنيف، ذو فكر إقصائي، لا يؤمن بالحوار، والتعايش مع المقابل، خصوصًا بعد أحداث برج التجارة العالمي (11 أيلول 2001)، وإظهار الهامشي في الخطاب الاستشراقي وكشف ما استتر منه خلف خطابات المركز، إذ تحتدّ عملية الاستقطاب والصراع بين المركز والهامش. ويأتي البحث ردًا على الخطاب المركزي الاستشراقي، ولإثبات أنّ الاستشراق ما هو إلّا سلاح بيد الغرب وليس علمًا فحسب، لفرض هيمنة الأنا الغربية على الآخر الشرقي. الباحث