فهم آيات الأحكام في ضوء الرؤية الأُصولية والحداثية – دراسة مقارنة

صلاح عوده عبد الأمير الدعمي فلسفة في الشريعة والعلوم الإسلامية

الخلاصة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وآله الأطياب الميامين وبعد…
إنَّ الأسباب التي دعت الباحث للخوض في هذا المضمار, إنَّ في بداية ستينيات القرن الماضي أنطلقت أسماء متعددة فمرة كانت باسم التجديد، وأُخرى المعاصَرة، وأختاروا طريق التفسير من نقد ودراسة؛ ومن هنا توجه أرباب الحداثة إلى النصوص القرآنية، فكانت مادة علوم القرآن الأولى لهم من نزع معاني وسلب قداسة القرآن الكريم، فان الدين إلهي ثابت, بينما يراه الفكر الحداثي انه فكر قد سبق ونسخته الميتافيزيقا من موت المؤلف وتأليه الأنسان وأنسنة الدين واحلال الانسان محل الدين, الى مناهج التاريخية والهرمونطيقيا الى الوحي وغيرها, وفرضوها على النصّ الشرعي للوصول إلى استنباط أحكام شرعية بداعي فهمهم النصَّ القرآنيَّ، بعد أن رفضوا مناهج التفسير والفهم الإسلامي التي أجمع عليها علماء الأُمّة، واتّبعوا مناهج أطلقوا عليها القراءة المعاصرة للنصّ الديني وتبنّوا أحكامًا بغير دليل، ليلبسوا الحقّ بالباطل، فباسم “الإسلام العصري المستنير” ألغوا الغيبيات وحرّفوا الكلم عن مواضعه، وباسم “الاجتهاد غير المنضبط”، و”التجديد”، و”العقلانية” حرّفوا المعاني القرآنية، وبأسم التنوير وأخرجوا النصوص عمّا هو مُجمَع عليه، وخلطوا الأصيل بالدخيل، والظنّي بالقطعي، والمحكم بالمتشابه، والمنسوخ بالناسخ، وما يجوز فيه الخلاف بما لا يجوز فيه, فضلًا عن عدم احترامهم قدسية القرآن الكريم، فعاملوه معاملة سائر النصوص، متوصلين بذلك إلى أقوال لم يعهدها المسلمون من قبل، كالقول بتاريخية الأحكام، وأنَّ القرآن ليس كتاب تشريع، وأنَّ آيات الأحكام فيه قليلة، مناسبة للأوضاع البدائية التي عاشها المسلمون، وأنّها لا تناسب روح العصر، وأنّ أحكام التشريع في القرآن ليست مطلقة، بل كُلّ آية تتعلّق بحادثة بذاتها فهي مخصصة بسبب التنزيل، كل تلك المتبنيات قابلتها بالفهم الأصولي المنضبط ركز البحث على الفهم الإمامي ولم يغفل فهم الجمهور للرد على متبنيات الحداثة, فكان الأطروحة مقسمة على تمهيد, وفصول أول تناول أسس ومناهج أرباب الحداثة, ثم أتبعته بفصل ثان تناول أهم أسس ومنطلقات الأصوليين لفهم النص, وبعدها كان الفصلان الأخيران بمثابة الحقل التطبيقي لآيات الأحكام.