نافع سعيد محمد عليوي | الشريعة والعلوم الاسلامية |
الخلاصة
إنّ المشكلةَ المهمّةَ والرئيسةَ التي رَكّزَتْ عليها هذه الدراسةُ هي: هل هناك مناهج أصولية معاصرة تسهم من خلال تطبيقها على الفقه الاسلامي؛ الى وجود حلول فقهية ناجعة، للمسائل المعاصرة وَمَا مَدَى تأثيرُها على عَمَلِيَّةِ الاسْتِنْبَاطِ الفقهي والآثارِ المترتّبةِ عَلَيْها وهل المناهج التي ينادي بها الباحثون الحداثيون قادرة على ذلك او لا؟.
وتَبْرُزُ أهمِّيَّةُ الموْضُوعِ؛ من أنَّ الأحْكَامَ الشّرْعِيَّةِ المُسْتَفَادةٌ من الألفَاظِ أو من غيرها، وسواءٌ كانَتْ عن طَرِيْقِ الدَّلالةِ المباشِرَةِ، أوْ عن ِطَرِيْقِ الإشارةِ والإيماء، قادرة على إيجاد حلول فقهية جديدة تتماشى ومتطلبات العصر الراهن؛ ولا يكون ذلك إلاّ من خلال تطور منهجيات علم أصول الفقه.
كانتْ لدراسةِ هذا الموضوعِ مسوغاتٌ يُمْكِنُ إجمالُها على النحو الآتي:
القيمةُ العِلْمِيّةُ والعملية الّتي تَمَيَّزَ بها الموضوعُ الحالي، مِنْ بَيْنِ مَوْضُوعاتِ عِلْمِ الأُصُول.
إثْرَاءُ المكتبةِ الإسلاميّةِ بِصورة عَامٍّةٍ، ومَكْتَبَةِ أُصول الفقهِ بصورةٍ خَاصٍّةٍ بالدِّرَاساتِ الأُصُوليّةِ المتخصِّصةِ، وَرَبْطِهَا بالفُرُوعِ الفِقهيّةِ ما أَمْكَنَ ذلك.
ولابُدَّ مِنَ الإشَارَةِ إلى أهَمِّ عَقَبَةٍ وَاجَهَتِ الْبَحْثَ، وهي صُعُوبَةُ فَهْمِ عِبَارَاتِ الأُصوليّين، ولاسيّما أنَّهُمْ يَأْتُوْنَ بأَدَقِّ المطالبِ في أَخْصَرِ العِبَاراتِ، ممّا يجْعَلُ عَمَلِيَّةَ فَكِّهَا صَعْبَةً جدّاً؛ بَلِ كَتَبَ بَعْضٌ مِنْهُمْ المباحِثَ الأُصُوليّةَ بأُسْلُوبٍ فَلْسَفِيٍّ مَحْضٍ؛ الأمرُ الَّذِي يَتَطَلَّبُ مِنَ البَاحِثِ قُوَّةً في التَّركِيْزِ وَدِقَّةً في التَمْحِيْصِ والتّمْييزِ؛ كَيْ يَتَسَنَّى لَهُ فَهْمُهَا وَتَذْلِيْلُهَا، وذَلِكَ لِتَعَدُّدِ الآراءِ وَالأقْوَالِ، وَتَعَدُّدَ الاتّجَاهَاتِ وَالمذَاهِبِ في مَسْأَلَةِ التجدد الأصولي، بالإضافَةِ إلى تَعَارُضِ الأدِلَّةِ وَالبراهِيْن بَيْنَ مُخْتَلَفِ المذَاهِبِ الأُصُوليّة اي، المدرسة الأمامية ومدرسة الجمهور بمختلف مذاهبها في مسألة تجديد علم أصول الفقه، وهو أَمْرٌ يُشَتِّتُ ذِهْنَ الباحِثِ، وَيَجْعَلُ المسْأَلَةَ عَصِيَّةً على الباحِثِ المتخَصِّصِ في عِلْمِ أصُول، ناهيكَ عن الباحِثَ الّذِي مازال يحبو في طريق علم أصول الفقه.