أحمد جاسب سعيد | لغة القرىن وآدابها |
خلاصة البحث
تقوم هذه الدراسة الموسومة بـ((موجّهات القراءة في النصّ القرآني -دراسة في تلقي سورة الكوثر بين القدماء والمحدثين)) على مسلمّة بسيطة, مفادها: كيف نفهم اشتغال الموجّهات النصّية والمحيطة بالنصّ في توجيه الدَلالة القرآنية عند قراءة النّصّ وفهمه وذلك بالاستناد إلى المدوّنة التفسيرية التي تعاملت مع النّصّ القرآني ممثلًا بسورة واحدة تعدّ من أقصر سور القرآن الكريم, وهي سورة الكوثر.
وقد أخذت الدراسة على عاتقها تفحّص تلك القراءات المتعددة التي انبثقت من إحالة لفظة (الكوثر) في هذه السورة عند كلّ مفسّر من المفسرين –عينة الدرس- وانطلاقا من ثقافة المفسر وعقيدته التي كان لها الدور الأكبر في استثمار الموجّهات الخارجية المتمثلة بـ(عنونة النصّ, ومكان النزول, وأسبابه) والموجّهات الداخلية ممثلةً بـ(المستويات الأربع) التي تشكّل –بالضرورة- كلّ نصّ لغوي وبضمنهِ النصّ القرآني.
وقد توزعت هذه الدراسة على ثلاثة فصول, كان الأوّل منها يضطلع بمهمةِ التعريف بسورةِ الكوثر من خلالِ إماطة اللثام عن كلّ ما يتعلق بها بهدف الإحاطة المعرفية, لأنّ هذه المهمة هي أول مهام التّلقّي أما الفصل الثاني فقد تناول موجّهات القراءة عند المفسرين القدماء الذين أخذنا عينة منهم تغطّي اتّجاهات التفسير ومدارسه المعروفة, فمن الرازي رأس المدرسة السنّية إلى الطبرسي كبير مفسري الشيعة وانتهاء بالزمخشري المفسّر الوسطي العقلاني المعتدل. وكذا كان بالنسبة إلى الفصل الثالث الذي تناول امتدادات هدة التيارات في العصر الحديث وصولًا إلى ما تمخض عن هذه الدراسة من نتائج نوجز أهمّها بالآتي:
1- كلّ ما في القرآن الكريم من نصوص وسور وعبارات قصيرة كانت أم طويلة داخلة في باب الأعجاز الذي تحدّى به القرآن أرباب الفصاحة والبلاغة أن يأتوا بمثله, ومن ذلك الباب هذه السورة التي تعد أقصر سور القرآن الكريم.
2- شكّلت نصوص القرآن الكريم بما فيها نصوصه القصيرة (كسورة الكوثر) مجالًا خصبًا للتفاعل مع القراءات المتعددة عبر الأزمنة المختلفة, لما يشتمل عليه هذا النّصّ من قدرة على عدم النفاد, ومن طاقة تعبيرية ومضمونية متجددة على مرّ العصور جسدتها متون التفاسير وحركتها التي لم تعرف التوقف والنضوب.
3- أكّدت سورة الكوثر أن النشاط الذهني الخاص بتلقيها هو نشاط يخضع لمؤثرات عديدة يوجّهها النصّ إلى المتلقي الذي يلتقط ما موجود من إشارات في النص بحسب ثقافته ووعيه وفكره العقدي الذي يحدد مسارات القراءة بحسب ما يمتلك من إملاءات وضوابط معرفية خاصة بهذا التوجّه.
4- إنّ القراءات المتعددة بموجّهاتها الخارجية والداخلية هي نتاج نصّ ثري لا نهاية لدلالاته, وإن أي قراءة من هذه القراءات لا تلغي اختها , لأن هذه القراءات تكمل بعضها بعض وصولا إلى قراءة كلية تتكامل بمجموع الجهود التفسيرية القديمة والحديثة.