حسين لفيف أرشد | لغة القرآن وآدابها |
الخلاصة
إن شخصية المختار الثقفي(رض) بما تحمل من قيم معرفية و إرث تاريخي ومسيرة ثرة اذ فتح عينه على الحرف القرآني والحديث النبوي والشعر العربي علاوة على ذلك تلك الايام التي قضاها بصحبة امير البلاغة والبيان الامام علي عليه السلام كل تلك المقومات اثرت فيه وصقلت شخصيته فجعلته مصدر اشعاع يفيض معارفاً وقيماً وهذا ما انعكس ايجاباً على مسيرته وجميع أنماط حياته ولعل الابرز منها تلك الايام التي رفع بها شعار الثأر لسبط الرسول واهل بيته وصحبه الميامين ,بيد أن المجتمع الكوفي آنذاك قد تخللته الكثير من التوجهات والرؤى والأفكار بفعل السياسات المتبعة في حينها ,فكان لزاماً عليه ان يظهر مكامن التأثير في خطابه الثوري ليقنع الجميع بمشروعية ثورته ليستميل الجميع للاذعان له والتسليم ومن ثم الالتحاق بهذا القيام المقدس .
فكان ادبه ينهض على دعائم حجاجية بصورة محورية، وذلك لما يتمتع به الحجاج من قدرة تأثيرية إقناعية تدفع المتلقي إلى الإذعان لرسائل المتكلم , المعلن منها والمضمر في الخطاب.
بفضل ما يمتلكه من قدرة مسبقة على التأثير في المتلقي المكتنز بشخصه وعلى تنوع المناسبات والسّياقات النصية الموظفة في ثنايا ادبه، لتستحيل تلك الخطابات حججاً تدفع الوجهة الحجاجية باتجاه النتيجة الكبرى المراد ترسيخها بإقناع المتلقي.
إنّ استثمار الطاقات المتنوعة لألوان البيان والبديع في خطاب المختار الثقفي وتحميلها وظائف حجاجية ليس أمراً عبثياً، بل يهدف إلى إصابة غرض الزخرف
والزينة، وأنه يستهدف التأثير، والفاعلية، وتأدية الوظيفة الدلالية الإقناعية المتمثلة بقيادة الوجهة الحجاجية نحو الغاية المقصودة، التي تأتي في طليعتها الغاية التأثيرية المتمثلة باستمالة المتلقي، ثم دفعه إلى تبني مواقف وأفكار وأنماط سلوكية من جملة الغايات القصدية المحددة مسبقاً من قبل المتكلم.
يهدف البحث لمقاربة خطاب المختار الثقفي بالتحليل والدراسة من منظور حجاجي ، متتبعاً آليات الحجاج اللغوي، وأثرهالإقناعي في أدبه، وذلك عبر تقصي أثر العوامل الحجاجية التي تعدّ واحدة من أبرز أدوات الحجاج الموظفة في الخطابات الحجاجية بغرض إصابة هدف الحجاج المحوري، وهو الإقناع، إلى جانب الروابط الحجاجية، والسلالم الحجاجية بقوانينها، ودور ذلك كلّه, والوظائف التي أدتها تلك الآليات والأدوات الحجاجية في خطاب المختار الثقفي ،
وتطرق البحث لدراسة تقنيات الحجاج البياني وأثره الإقناعي في خطاب المختار الثقفي، فيتوقف عند التشبيه الحجاجي، و الاستعارة الحجاجية، والكناية الحجاجية، في محاولة لتقفي أثرها الجمالي و الحجاجي .
وعرض البحث للوقوف على الإيقاع الحجاجي وأثره الإقناعي في خطاب المختار الثقفي، وذلك عن طريق دراسة الجناس وأثرها الإيقاعي، والسجع وأثره الإيقاعي، والتكرار وأثره الإيقاعي، والتوازي وأثره الإيقاعي، والمقابلة وأثرها الإيقاعي، والدور الذي أدته في الخطاب الحجاجي لذلك الأدب والوظائف التي أدتها على المستوى الجمالي والدلالي الحجاجي وتلاحم طاقاتها الجمالية و الحجاجية معًا.