الأصول الحاكمة على المسائل المستحدثة – دراسة تأصيلية

إيناس كريم راجي الطرفي فلسفة في ( الشريعة والعلوم الإسلامية )

الخلاصة
إنَّ التفقه بالدين يؤدي إلى فهم جميع الأحكام الشرعية التي يستطيع الفقيه من خلالها ممارسة دوره في الإجابة عن كل التساؤلات المعاصرة عن طريق النصوص الواردة التي لم تترك فراغاً على مستوى القواعد الكلية التي يحتاجها الفقيه لممارسة هذا الدور؛ لأنه يستند بذلك إلى شريعة تملك الإجابة على كل المستجدات بأوضح الطرائق وأحسنها.
والاجتهاد يُعد حلقة وصل بين أحكام الشريعة ومتغيرات العصر لتحقيق المواكبة والتغطية لها، بحيث تتمكن الشريعة من متابعة المستجدات، عن طريق استفادت الفقهاء في كثير من الموارد من العمومات والإطلاقات في استنباط الحكم الشرعي للمسائل المستحدثة، إذاً فأخذ حكم ما استناداً إلى العمومات، يُعد أحد موارد أعمال الاجتهاد.
فالعمومات والإطلاقات والتعليلات والسير العقلائية إذاً هي منشأ تأسيس القواعد الأُصولية والفقهية العامة الدخيلة في استنباط المسائل المستحدثة، فضلاً عن حكم العقل البديهي، ومن هذا المنطلق ورد في التوقيع الشريف لمَوْلَانَا صَاحِبِ الزَّمَانِ(عجل الله تعالى فرجه الشريف): ((…وَأَمَّا الْحَوَادِثُ‏ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَ أَنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ))؛ وبذلك تتضمّن هذه النصوص العامة جميع الأصول الحاكمة في استنباط المسائل المستحدثة، وإنَّ النبي محمداً والأئمة قد تكلموا في بيان الأحكام بنحوٍ مغنٍ ومقنعٍ لجميع ما يحتاج إليه البشر مع ارتقاءِ مستوى الأفكار على مدى العصور، عن طريق تشريع الأحكام على نحو وافٍ لجميع الثقافات البشرية والإشراف على العقول المتكاملة في الأزمنة المتأخرة؛ وبذلك لابد للفقيه أن يَعمل أولاً على دراسة المسألة المعاصرة ثم يبحث لها عن دليل، وقد يجد الفقيه دليلاً على الحكم الشرعي الذي يبحث عنه نظير حكم الصلاة، وقد لا يجد عليه دليلاً نظير الاستنساخ، ولا شك أنه إذا وجد الدليل على الحكم كان حجة، سواء أكان هذا الدليل آية أم رواية أم إجماعاً أم عقلياً، وأما إذا لم يجد الدليل فيبحث في الأصول العملية، التي يرجع إليها في مقام الاستنباط عند فقدان الأدلة.