نور التَّوفيق وكشف التَّدقيق ملّا محسن بن محمد طاهر القزويني (1150هـ) من الآية (204) من سورة البقرة إلى آخر سورة البقرة – دراسة وتحقيق

مروة حميد حبيب البكاء فلسفة في ( الشريعة والعلوم الاسلامية )

الخلاصة
أولى المفسرون اهتمامًا بعلم التفسير وأخضعوا مدوناتهم التفسيرية لأسس منهجية وقواعد معرفية تعين في إدراك المعنى، ويعد تفسير الملا القزويني امتدادًا للجهود التفسيرية التي سبقته إذ اهتم بهذا العلم وألَّف هذا التفسير، ونظرًا لأهمية تحقيق التراث التفسيري وإزالة الغبار عنه كونه ضرورة علمية وثروة معرفية؛ فقد تكفلت الاطروحة بتحقيق قسم من تفسير‹نور التوفيق وكشف التدقيق›؛ لأنّه يحوي نتاجًا فكريًا عظيمًا فقد أودع فيه صاحبه جل علومه وخبرته، وكان الهدف من الدراسة هو إبراز جهود علمٍ من علماء التفسير الذين أخلصوا أنفسهم وعقولهم وأفكارهم لكتاب الله تعالى وبيان بلاغته وإِعجازه ومعانيه، وبيان القيمة العلمية لهذا التفسير من خلال تسليط الضوء على منهجيته، وبيان معالجاته ومواقفه من العلماء، وردوده وترجيحاته التي تعد ملمحًا بارزًا من ملامح تفسيره، ولبيان مكانة هذا التفسير؛ لكونه تفسيرًا جامعًا لمناهج متنوعة وبالأخص المنهج الروائي الذي يركز في فهم النص القرآني على قول النبي  والأئمة الأطهار ، وفيما يوفره من آليات تيسر فهم الآيات القرآنية واستنطاق معانيها، كما أنَّ هذا التفسير لا يخلو من أبحاث قرآنية متنوعة تتخللها آراء وترجيحات وردود تنمُ عن فكر نيِّر في فهم النصوص القرآنية واستخراج مكنونها.
ولحصول الفائدة من البحث اقتضى أن يكون تقسيمه على قسمين تسبقهما مقدمة.
أما القسم الأول فقد تناول الفصل التمهيدي الذي كان الحديث فيه أولًا عن المؤَلِّف من بيان السيرة الشخصية والعلمية له بدءًا من نسبه وانتهاءً إلى مؤلفاته، ثم الكلام عن المؤَلَف من التحقق من صحة الكتاب ونسبته للمفسر، ومنهجه في التفسير، ومصادره التفسيرية، وبعده الفصل الأول الذي بيّن مناهج التفسير واتجاهاته، وتضمن مبحثين: الأول في مناهج التفسير، والثاني في الاتجاهات التفسيرية، وكُرِّسَ الفصل الثاني للوقوف على المباحث اللغوية والنحوية في هذا التفسير، وتشكل في ثلاثة مباحث: الأول في طرائق التفسير اللغوي، والثاني في الظواهر اللغوية، والثالث في آراءِ المفسر اللغوية وردوده وترجيحاته.
أما القسم الثاني فقد اشتمل على وصف المخطوطة ومنهج التحقيق والرموز والإشارات المستعملة ثم النص المحقق.
وأهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة هي أنَّ هذا التفسير من التفاسير الجامعة لمناهج متنوعة وشاملة لمباحث متعددة، وأنَّ للملا القزويني جهدًا تفسيريًا واضحًا، إذ حفلت صفحات ذلك التفسير بآراء ومناقشات وردود تفسيرية تنم عن عقلية واعية مميزة، وتنبه البحث إلى دقة ملاحظة المفسر عند النقد والاستدراك على الآراء التفسيرية بما ينسجم مع أصول التفسير وقواعده، ما يعني التفات الملا القزويني إلى أهمية المنهج الصحيح في بناء الآراء والأقوال التفسيرية عند بيان معاني القرآن الكريم، وأنَّ الملا القزويني بعرضه الأقوال والآراء لم يكن مقلدًا وناقلًا، بل كان واضعًا إياها موضع المتفحص الناقد مرجحًا ما يراه موافقًا للحقيقة ومبطلًا ما يراه مخالفًا لها.