مكاتيبِ الأئمة (عليهم السلام) وأثرُها في استنباط الاحكام الشرعية

مريم عبد الحسن عبد الرسول عبد الحسين الشريعة والعلوم الاسلامية

الخلاصة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين الذي وهب لنا العلم وجعل أول كلمات كتابه العظيم :
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ وأفضل الصلاة وأتم التسليم على أشرف الخلق أبي القاسم محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
أما بعد ..
فإن علم الحديث يأتي في طليعة العلوم الإسلامية , التي وضعها العلماء المسلمون وسيلة من وسائل معرفة الفكر الإسلامي عموماً، والتشريع الإسلامي على وجه الخصوص . فعلم الحديث من العلوم الشرعية التي يتوقف عليها الاجتهاد الفقهي، وتقوم على أساس منها عملية استنباط الاحكام الشرعية من مصادرها ، وهي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة و هي إما أن تكون حديث مروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن الأئمة المعصومين عليهم السلام و أو أن تكون مكاتيب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن الأئمة عليهم السلام. أما علم الفقه فأنه يعد من أجل وأشرف العلوم شأنا، وأعظمها نفعا وأعلاها قدرا، ولاشك أنّ كل علم يكتسب شرفه من شرف موضوعه ، وشرف علم الفقه موضوعه وهو العلم بالأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية فهو مقدم من جهة العمل على سائر العلوم الأخرى؛ وذلك لأن علاقته بالعمل أقوى من غيره من العلوم لأنه يبحث في أحكام الله سبحانه وتعالى التي بها تعرف أوامر الله فتمتثل و نواهيه فتجتنب ومما لا شك فيه أن الإنسان في أمس الحاجة من أجل معرفة ما يضمن سعادته و كماله ليطبقه على جميع شؤون حياته الفردية والاجتماعية، والفقهية، والعقدية، السياسية، والاقتصادية والعسكرية، وأن الأئمة عليهم السلام المعصومين الإثني عشر إمام كانوا يكتبون المكاتيب والرسائل الى الناس في كل امور الحياة، من العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية، ومن البديهي والقطعي، أن الطريق الوحيد لنيل تلك السعادة هي أحكام الشريعة الدنيوية والاخروية، والعقل الإنساني المحدود لا يمكن أن يكون هو المقنن وإذا ما وضع قانون لتنظيم امور معاشه وترتيبها فهو قانون ناقص وقاصر بالضرورة.
وعليه فإن النظام والقانون الذي ينظم أُمور المجتمع لا يمكن أن يصدر إلا من العقل المطلق اللامحدود الذي أحاط بكل شيء علماً الله سبحانه وتعالى وقد بين الله تعالى هذا القانون في كتابه الكريم المنزل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم لكن بما إنه يوجد في القرآن آيات محكمات وأُخر متشابهات فلا يعلم المحكم من المتشابه و العام من الخاص والمطلق من المقيد والناسخ من المنسوخ الإ من أنزل عليه القرآن والذي أمرنا بأن نتمسك به بعده والذي يتكفل في بيان هذا القانون الإلهي الرباني الموجود في كتاب المقدس والسنة النبوية الشريفة المتواترة عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام، ومكاتيبهم وتوقيعاتهم المباركة، ليس هو الإ علم الفقه. فالفقه يُعد المنظم لأمور الإنسان، وعن طريقه يتعرف الإنسان على نظم حياته الدنيوية وعلاقته بربه في الجانب الروحي العبادي سيما في الأحكام الالزامية وغير الالزامية كالاستحباب والكراهية ، و يترتب على الالتزام بها من الثواب والعقاب، وعليه فالفقه سعادة دنيوية وهي نظم الحياة واخروية وهي الارتباط بين العبد وربه ،
وإنتظمت الرسالة على مقدمة و ثلاث فصول ، يسبقها تمهيد وقفت فيه على التعريف بمفاهيم البحث والعلاقة بين الأحاديث والمكاتيب ، وفي الفصل الأول وقفت فيه الباحثة على تأسيس المكاتيب، ونشأتها، ومكانتها ، ثم بينت فيه أركان وأنواع المكاتيب ثم جاء بعده الفصل الثاني بينت فيه الباحثة شروط قبول المكاتيب و مشروعيتها , ثم جاء بعده الفصل الثالث فيه تطبيقات في المكاتيب وبيان أحكام مكاتيب الائمة عليهم السلام ، في العبادات، والمعاملات، والاحوال الشخصية، والأحكام، ثم جاءت الخاتمة التي تناولت فيها أهم النتائج التي توصلت اليها أثناء البحث، وتلتها التوصيات، وتبعتها الملاحق التي تضمنت إستفتاءات مرجعنا العظام (دام ظلهم). ثم بعد ذلك ذكرنا قائمة المصادر والمراجع التي أحتوت على جميع المصادر والمراجع التي إعتمدنا عليها في دراستنا والتي مازجت بين الحديثة و القديمة.