ملخص البحث:
يعد معهد إعداد المعلمين من المؤسسات الاجتماعية الفعالة التي تؤثر في المحيط وتتأثر به ، فهي من صنع المجتمع من جهة وهي أداته في صنع قياداته الفنية والمهنية والفكرية من جهة أخرى . ومما يزيد من أهميته انه يتعامل مع شريحة تعد من الشرائح المهمة في المجتمع كونهم من قادة المستقبل والقوة الحقيقية فيه . ومن خلال ذلك يقوم المعهد بتجسيد المبادئ التربوية والصفات الاجتماعية والمفاهيم الخُلُقية في نفوس طلابه ، لما لها من تأثير كبير في بناء شخصية الإنسان بأبعادها المختلفة العقلية والنفسية والاجتماعية والخلقية . وان الهدف التربوي أصبح لا يعني إكساب الطالب كما من المعلومات بل العناية بشخصيته ككل في جوانبها العقلية والنفسية كي تجعل منه إنسانا واثقا من قدراته وإمكاناته ومدركا ماله وما عليه وما يجب أن يفعله من فعل مؤثر ذو معنى 0
ويعد السلوك التوكيدي من المفاهيم المهمة للإنسان والمجتمع لأن الفرد الذي يفتقر إلى السلوك التوكيدي ،يفشل في التعبير عن أفكاره ومشاعره او يعبر عنها بنوع من المبالغة في الخضوع 0كما انه يفشل بالمطالبة بحقوقه الشخصية او يميل إلى مجاملة الآخرين والاستجابة لرغباتهم سعيا لإرضائهم ولو على حساب نفسه ووقته وماله وسمعته, وهذا يتنافى مع رسالة المؤوسسات التربوية التي تسعى الى تغذية المجتمع بالأفراد الصالحين , من أجل تكوين وخلق جيل واع مؤمن بقدراته وإمكاناته للوصول الى أقصى ما يمكن أن يصل اليه من النجاح والى تكوين الشخصية المتوافقة توافقاً حسناً . بالإضافة إلى ان التوافق النفسي والاجتماعي هدف حيوي للإنسان للحفاظ على ديمومة حياته التي تعد سلسلة من التوافقات تتضح من خلال تفاعله مع نفسه ومع البيئة التي يعيش فيها . وان إعداد الفرد المتوافق نفسيا و اجتماعياً والقادر على توكيد ذاته والواثق من نفسه والذي يستطيع الدفاع عن وجهة نظره ، والذي يتابع عمله في إطار ودي من العلاقات مع الآخرين هو الشخص الصالح الذي يسهم في بناء المجتمع ويكون عضواً نافعاً فيه
وتتوقف قدرة الفرد على التوافق الناجح أو عدمه الى حد كبير على الخبرات التي اكتسبها في مراحل حياته والتي لها الأثر الكبير في تشكيل مفهوم الذات لديه لما لهذا المفهوم من أثر كبير في سلوكه وتصرفاته . فسلوك الفرد في البيئة يعكس فكرته عن نفسه ، والنظرة الايجابية للذات تهيئ لصاحبها القدرة على التعامل الناجح مع الحياة ومن ثم يؤدي ذلك الى تحقيق سعادته وسعادة الآخرين .
ولقد حددت أهداف البحث الحالي بما يلي:
الهدف الأول : قياس مستوى السلوك التوكيدي لدى طلبة معهد إعداد المعلمين 0
الهدف الثاني: التعرف على دلالة الفروق في السلوك التوكيدي لدى طلبة معهد إعداد المعلمين تبعا لمتغير الجنس ( ذكور – إناث ) 0
الهدف الثالث: قياس مستوى التوافق النفسي والاجتماعي لدى طلبة معهد إعداد المعلمين0
الهدف الرابع : التعرف على دلالة الفروق في التوافق النفسي والاجتماعي لدى طلبة معهد إعداد المعلمين تبعا لمتغير الجنس ( ذكور – إناث ).
الهدف الخامس : التعرف على العلاقة بين كل من السلوك التوكيدي والتوافق النفسي والاجتماعي لدى طلبة معهد إعداد المعلمين0
كما تحدد مجتمع البحث بطلبة معهد إعداد المعلمين في محافظة كربلاء للعام الدراسي (2010-2011) وللمراحل الدراسية الخمسة 0
وتكونت عينة البحث من (258) طالباً وطالبة بواقع (129) ذكور و(129) إناث ويتوزعون على المراحل الدراسية الخمسة وبواقع (23) طالب وطالبة من المرحلة الأولى، (49) طالب وطالبة من المرحلة الثانية ،(45) طالب وطالبة من المرحلة الثالثة ،(54) طالب وطالبة من المرحلة الرابعة،(87) طالب وطالبة من المرحلة الخامسة0
وقد قام الباحث ببناء مقياسان لتحقيق أهداف البحث وهي :
1- مقياس السلوك التوكيدي.
2- مقياس التوافق النفسي والاجتماعي.
وتحقق الباحث من مؤشرات الصدق والثبات للمقاييس قبل تطبيقها . وأُستخدم في تحليل البيانات ومعالجتها احصائياً الاختبار التائي ومعامل ارتباط بيرسون . وقد توصلت الدراسة الى النتائج الآتية :
1- فيما يتعلق بالهدف الأول : تبين أن مستوى السلوك التوكيدي متوسط لدى أفراد العينة حيث كان المتوسط المتحقق(53.93) ، فيما كان المتوسط الفرضي(54)0وبقيمة تائية محسوبة بلغت( -0.144) وهي اصغر من القيمة الجدولية البالغة (1.960) عند مستوى دلالة (0.05)0
2- وعن الهدف الثاني: فقد أظهرت النتائج وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين أفراد العينة تبعاً لمتغير الجنس ولصالح الذكور . حيث بلغ المتوسط الحسابي للذكور((57.31 فيما بلغ المتوسط الحسابي للإناث ((50.55 ، فيما كانت القيمة التائية المحسوبة تساوي (8,32) وهي أكبر من القيمة التائية الجدولية البالغة (1,960) عند مستوى دلالة (0,05)0
3- وفيما يتعلق بالهدف الثالث : تبين أن مستوى التوافق النفسي والاجتماعي لدى أفراد العينة عالياً حيث كان المتوسط المتحقق(117.54) ،فيما كان المتوسط الفرضي(102)0وكانت القيمة التائية المحسوبة تساوي (22.06) وهي قيمة عالية مقارنة بالقيمة الجدولية البالغة (1.690) وعند مستوى دلالة (0.05)0
4- أما فيما يتعلق بالهدف الرابع: تبين ان هناك فروق ذات دلالة إحصائية بين أفراد العينة تبعاً لمتغير الجنس ولصالح الذكور . حيث بلغ المتوسط الحسابي للذكور((121.72 فيما بلغ المتوسط الحسابي للإناث ((113.37 ، فيما كانت القيمة التائية المحسوبة تساوي (6.06) وهي أكبر من القيمة التائية الجدولية البالغة (1.960) عند مستوى دلالة (0.05)0
5- أما نتائج الهدف الخامس: فإنها قد بينت بان هناك علاقة موجبة بين السلوك التوكيدي والتوافق النفسي والاجتماعي لدى طلبة معهد إعداد المعلمين وقد بلغ الارتباط(0.714)، وعند مقارنة هذه القيمة مع القيمة الجدولية لارتباط بيرسون البالغة(0.113) لمعامل الارتباط، عند مستوى دلالة (0.05) وبدرجة حرية (256) نجد ان معامل الارتباط دال احصائيا0
وفي ضوء النتائج التي أظهرها البحث تقدم الباحث بجملة من التوصيات ومنها إمكانية استعمال أداتا البحث في مراكز القبول في المعاهد0 بالإضافة الى تدعيم المناهج والأنشطة المتنوعة التي تحث على السلوك التوكيدي والاستفادة من الطلبة الذين يتمتعون بمستوى عال من السلوك التوكيدي او التوافق النفسي والاجتماعي في قيادة مختلف الأنشطة الاجتماعية داخل المعهد حتى يكونوا قدوة للآخرين الذين يتمتعون بمستوى منخفض من السلوك التوكيدي او التوافق النفسي والاجتماعي.