الحيازة العرضية للعقار

أمير فالح واجد علي

       الحيازة العرضية للعقار        الماجستير في القانون الخاص

المستخلص /

          بعد دراستنا لموضوع الحيازة العرضية للعقار تبين لنا أن هذا النوع من الحيازة يتمتع بمكانة خاصة في النظام القانوني؛ فهذه الحيازة تعد الأداة الفاعلة للانتفاع بالمال واستغلاله لدرجة أنها قد تتفوق على الملكية في الحياة العملية, ولعل الحيازة من أبرز مصادر الحقوق التي نظمتها سائر البلدان في قوانينها, فالحيازة العرضية كواقعة مادية بموجبها يتمتع الحائز بمركز واقعي يحميه القانون لذاته, ويرتب عليها آثار قانونية هامة تتلخص في أن الحيازة العرضية إذا اكتملت بتوافر العنصر المعنوي لها والمتمثل بنية تملك العقار ففي هذه الحالة من الممكن أن تؤدي الحيازة العرضية إلى كسب ملكية هذا العقار, وهذا الأمر دفع القوانين الوضعية أن تولي للحيازة بشكل عام والعرضية منها بشكل خاص أهمية خاصة لعاملين اساسيين :

العامل الأول : يتمثل في أن الحائز العرضي هو الذي يزاول السيطرة الفعلية على العقار الذي يحوزه, وبالتالي ولابدّ ولاعتبارات تتصل بالنظام العام واستقرار الأوضاع أن تبقى له هذه السيطرة, وهذا يوجب عدم الاعتداء على هذه الحيازة, فالقانون يحمي الحيازة كما يحمي الملكية.

العامل الثاني : يتلخص في أن حائز العقار في أغلب الأحوال يكون المالك؛ فمن مزايا الملك أن يحوز المالك المال الذي يملكه؛ ولذلك فالقانون يفترض بصورة مبدئية أن الحائز هو المالك, فيحمي الملكية عن طريق حماية الحيازة؛ لذا تعد حماية الحيازة حماية غير مباشرة للحق ذاته.

   كما أن القوانين الوضعية قد أعتدت بالحيازة في ذاتها إذا توافرت لها الشروط التي تطلبها القانون, وأوجب حمايتها ولو أدعى الغير بملكيته للعين محل الحيازة, فالحيازة وأن عدت قرينة بسيطة على الملك, فهي تفيد الحائز فلا يتحمل عبء أثبات ملكه الذي تشهد القرينة به, وإنما يتحمل عبء الأثبات خصم الحائز, كما لا يخفى علينا أن توفير الحماية القانونية للحيازة بنوعيها الحقيقية منها والعرضية يشكل عاملاً هامًا في الحد من الاعتداءات عليها في سبيل استقرار المعاملات في المجتمع.

          كذلك من المشاكل التي تعتري موضوع البحث عدم معالجة المشرع المدني العراقي لبعض المسائل الهامة ذات الصلة بالحيازة العرضية للعقار بنصوص قانونية صريحة, وهذا الأمر قد يثير الجدل والخلاف الفقهي من جانب وتباين في قرارات القضاء حول هذه المسائل من جانب آخر, فلم يتضمن القانون المدني العراقي بين دفتيه نص صريح يوجب حسن نية الحائز العرضي عند تغير صفة حيازته إلى حيازة حقيقية, وكان من الأفضل لو أوجب ذلك؛ تجنبًا للتحايل على القانون, كما أنه لم يشتمل على نصوص خاصة بالتسليم الحكمي والتسليم الرمزي للحيازة في حالة انتقالها من يدّ إلى أخرى, وكذلك في حالة تعرض المستأجر بوصفه حائزًا عرضيًا إلى غصب العقار الذي يحوزه, منحه المشرع خيار المطالبة بفسخ العقد أو إنقاص الأجرة, فهنا عالج حالة واحدة من حالات الاعتداء على الحيازة وهي الغصب, فماذا عن الحالات الأخرى غير الغصب التي قد يتعرض لها المستأجر ؟