ألفاظُ الترغيبِ والترهيبِ في كتابِ نَهجِ البَلاغِة درَاسَةٌ دَلاليّةٌ

هدى مطر هاشم لغة القرآن وآدابها

الخلاصـــة
تقوم هذه الدراسة على حصر ألفاظ الترغيب والترهيب الصريحة وغير الصريحة في كتاب(نهج البلاغة) , ودراستها دراسة دلالية , إذ كشفت هذه الدراسة عن دلالة الألفاظ الواردة في نهج البلاغة من خلال ما اضفاه عليها السياق من دلالة جديدة, فقسمت الدراسة على مقدمة وتمهيد موجز عن كتاب نهج البلاغة ولفظتي الترغيب والترهيب ,اتبعه- ثلاث فصول, الفصل الاول قسم على ثلاث مباحث تناولت في الفصل الاول الالفاظ الصريحة , فقد تميز الفصل الاول بطوله وكثرته مقارنه مع الفصلين الآخرين وذلك لكثرة الالفاظ الصريحة الدالة على الترغيب والترهيب في كتاب نهج البلاغة, اما الفصل الثاني فتناولت فيه الالفاظ الغير صريحة الدالة على الترغيب والترهيب, والفصل الثالث اختص بالسياق واثره في الفاظ الترغيب والترهيب وقسم الى مبحثين, الاول السياق المفهوم والتأصيل والمبحث الثاني اختيار الفاظ الترغيب والترهيب وأثرهما في السياق النهجي. يُعدُّ أسلوب الترغيب والترهيب من الأساليب القرآنية , التي ورت صيغها وأساليبها كثيرًا في القرآن الكريم, وهو من الأساليب المهمة في الدعوة الى الله ؛ لانه من انفع الأساليب, ويكون فيما اعده الله لعباده الصالحين, فالإنسان الذي لا يؤثر فيه أُسلوب الترغيب وثوابه ,لابدَّ من أن يؤثر فيه أُسلوب الترهيب وعقابه, لذلك نرى الله سبحانه وتعالى قد حذر من الكفر ووعد أهله بالنار. تناول البحث ألفاظ الترغيب المباشرة في نهج البلاغة فوجد أن الألفاظ الدالة على معنى الترغيب كثيرة جداً، ولاسيما في خطبه المتنوعة، وكثيراً ما استعمل الفعل (رغب) مقروناً بحرف الجر، وذلك لتوكيد دلالة الترغيب بما يتناسب مع موضوع الخطبة والسياق الذي يرد فيه الفعل، كما اكتسب الفعل (رغب) دلالات مختلفة بحسب السياق الذي ورد فيه ، فالفعل ذاته يستعمل أحياناً في الزمن الماضي ومرات أُخر في الزمن الحاضر، ولكل منهما عمق معنوي يختلف عن الآخر، وقد ورد في سياق الأمر (ارغبوا) مما يجعل خطابه عامّاً وشاملاً، فيصبح المعنى أقوى وأبلغ لما يحمله أسلوب الأمر من قوة النبرة ووجوب العمل بمضمونه. وفي الألفاظ الدالة على الترهيب وجد البحث أن الجذر (رهب) وما تفرع عنه ينصهر في بوتقة الترهيب والتخويف من الأمور الجسام ولاسيما من عقوبة الله (عزّ وجلّ) والعقوبة في سياق الترهيب ليست مقرونة بزمن معين أو مكان محدد وإنما هي لكل زمان ومكان. عرض البحث الألفاظ غير الصريحة الدالة على الترغيب فوجد أن هناك جانبًا كبيرًا من الخطب قد جاء الترغيب فيها من غير استعمال الألفاظ الصريحة الدالة دلالة مباشرة على المعنى، وإنما استعمل لذلك دلالات معينة دلت عبرها الألفاظ دلالة غير مباشرة أو غير صريحة على معنى الترغيب والترهيب .إنّ الناظر في كتاب نهج البلاغة ونصوصها يجد أن هنالك تداخلًا واضحًا بين الأساليب الدالة على الترغيب والترهيب، فأحيانًا النصّ الواحد يحمل دلالة الترغيب ودلالة الترهيب معًا، وقد يستحيل الفصل بينهما في مواضع معينة، فكلامه () يحمل الدلالتين لضرورة مجيئهما في الخطاب، فهنالك رسائل يريد الإمام () أن يوصلها إلى المتلقي فيتخير لها أساليب الإغراء والتحذير، ولولا اجتماعهما الحاصل لما استطاع المرء إدراكها لانّ(الضدّ يظهر حسنه الضدّ).